المواطن البحريني يحتاج اليوم إلى رفع المعنويات، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد بشكل خاص، والعالم بشكل عام. ترنح سعر النفط كانت له تداعياته المؤثرة على عجلات الاقتصاد في العديد من الدول، حتى إن دولة مثل فنزويلا التي تعتبر من أقطاب صناعة النفط تأثرت بشكل ملحوظ، وانعكس ذلك على المستوى المعيشي لشعبها. مثل هذه الأحداث يحصل لها تأثيرها الكبير على نفسيات المواطنين، خاصة بما تزرعه من نزعات قلق وخوف، أضف إلى ذلك التدابير اللازمة التي تتخذها الدول إما طوعاً أو قسراً لمواجهة الوضع. في البحرين عايشنا جميعاً التدابير التي اتخذتها الدولة لمواجهة هذه الأزمة المالية، بدأت العملية مع إعادة توجيه الدعم بالنسبة للحوم، وامتدت لتعرفة الكهرباء والماء ووصلت إلى رفع سعر البنزين. وبين هذه التدابير وجدت هناك توجهات أخرى ارتبطت بعمليات التقشف وضبط الصرف، كان لها تأثير على أوضاع المواطن المهنية، حيث بات المتعارف عليه بأن التوظيف الجديد في القطاعات شبه واقف، وأن الميزانيات تم تقليلها والمعنية ببعض الأبواب منها باب التدريب والتطوير الشخصي، وفوق ذلك كان هناك حديث عن التقاعد ورفع سنه ومكافأة نهاية الخدمة، الأمر الذي انعكس بشكل واضح على أعداد الخارجين على التقاعد هذا العام. الوضع صعب، هذه حقيقة لاشك فيها، لكن معها يمكن استقراء حال الشارع، والذي بات متأرجحاً بين متشائم وقلق من المستقبل، في حين أن التفاؤل باتت نسبته ضئيلة جداً. هل اللائمة تقع اليوم على الأوضاع الخارجة عن الإرادة، أم هي تقع على المواطن البحريني وكيف أنه أصبح مثالاً للتذمر والتشاؤم، أم أن التدابير المتخذة لا تحظى بقبول الناس، أم أن خطابنا الرسمي للناس ليس مطمئناً للدرجة المقبولة؟!كلها أسباب تتوزع بينها النسب، لكن بالنسبة للناس تتركز رغبتهم في وجود التطمينات بأن مستقبلهم ليس مظلماً أو مجهولاً، وأن أية إجراءات تتخذ للتعامل مع الوضع لن تؤثر عليهم بالأخص معيشياً. لذلك دائماً ما نقول، بأن الدولة تحتاج اليوم لخطابات واضحة تستهدف المواطن بحيث تزرع لديه الأمل، وتجعله يدرك بأن مساعي الدولة وحراكها وتوجهاتها تصب في صالحه ولن تعمل لزيادة العبء عليه، ومع هذا الخطاب لا بد من أفعال وسياسات تثبت بأننا مازلنا نتمسك بمصلحة المواطن كخيار أول، بحيث نضمن استمرار حراك الدولة بصورة صحيحة بحيث يجنبنا شلل القطاعات أو القصور في الخدمات أو شح الموارد. الأوضاع الصعبة لا يجب التعامل معها فقط بأسلوب إدارة الأزمات، بل هي أوضاع تفرض علينا دروساً عديدة، بالتمعن فيها ودراسة مسبباتها بالتأكيد سنخلص لنتيجة توضح لنا أين أخطأنا، وأين تساهلنا، وأين تعطلت مسيرتنا التنموية، والأهم أين وقفنا في عملية تحسين وضع الناس؟ لا نريد اليوم للإحباط أن يسود مجتمعنا، ولا نريد اليوم أن نرى التذمر ينتشر في أوساط المجتمع البحريني، خاصة في أوساط الطبقات المتوسطة أو الأدنى منها. التحدي اليوم يكون برفع المعنويات، وبزرع الأمل، وبجعل المواطن معنا في قارب واحد مع صناع السياسة، عبر مخاطبته بشكل مباشر وشفاف، إن كنا في أوضاع صعبة عليه أن يعرف تفاصيلها وأبعادها، وإن كنا في حالة رخاء يتوجب أن ينعكس ذلك عليه. المواطن بنفسه عليه مسؤولية أن ينغمس ويغرق في الإحباط، عليه أن يتذكر دائماً بأن مع العسر يسراً، وأن الحلول لا يجب أن تكون دائماً مقدمة على أطباق من ذهب، وأنها مسؤولية الدولة فقط، هو بيده أن يغير واقعه، أن يكيف حياته، وأن يعيد جدولة تدابيره الشخصية ليتواءم مع الوضع. السلبية تكون حينما نترك كل شيء ونتنصل من مسؤولياتنا ونقول للدولة بأنك المسؤولة عن كل شيء، ويتحول ذلك بداخلنا لقناعة تفرز لنا التذمر والإحباط والتشاؤم. نعم هناك مشاكل عديدة، وهناك منخفضات ومرتفعات، لكن لا يعني ذلك أن نجعل معنوياتنا في الحضيض، والدولة عليها أن تسهم بقوة في رفع هذه المعنويات، عبر إجراءات وخطوات بإمكانها أن تسعد الناس، وإن كان من الصعوبة إسعاد الجميع، لكن أقلها التركيز على مجموعة تلو الأخرى، مثال ما يحصل اليوم على دفعات من توزيع للوحدات الإسكانية وكيف أن كل دفعة تحمل فرحاً للناس بتحقيق آمالهم وطموحاتهم. لنفكر بخطوات ذكية ترفع معنويات الناس، وتجعلهم مع الدولة في مركب واحد، وتدفعهم للمبادرة وتحمل المسؤولية، أقلها مسؤوليتهم في بيوتهم وعوائلهم ومواقع أعمالهم، بدلاً من تركهم فريسة للتذمر والتشاؤم. لنزرع الأمل، ونعمل على تحقيقه، لنجني بعدها رضا الناس.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90