من الصور اللافتة التي صار ينشرها ما يسمى بـ«ائتلاف شباب فبراير» أخيراً في وسائل التواصل الاجتماعي صورة لحفل تأبين أقيم بمأتم لا يبدو فيها إلا ظهور الحاضرين حيث تم الحرص على التقاط الصورة من الخلف، بينما تم تغطية وجه الخطيب الحسيني ببقعة لونية عن طريق جهد إلكتروني . طبعاً الهدف من كل هذه العملية واضح وهو إخفاء ملامح المشاركين في الفعالية كي لا تعرفهم الأجهزة الأمنية فيتعرضوا للمساءلة. لكن أمراً كهذا من شأنه أن يظهر سطحية تفكير من قام ويقوم به، ذلك أن الأكيد هو أنه لم يخف على الجهات المعنية بالأمن في أي يوم وفي أي ساعة أقيم ذلك المجلس وأين أقيم ومن حضره ومن كان الخطيب وكم استغرقت الخطبة وماذا قال فيها، فالبحرين صغيرة المساحة ورصد الفعاليات على اختلافها أمر لا يصعب على جهاز الأمن، أي أن الحضور مكشوف وبالتالي لا داعي أبداً لتغطية الوجوه. صور أخرى صارت تنشر لمشاركين في اعتصامات وهم يحملون اللافتات في شوارع عامة وطرقات يمر فيها الناس ولكن يتم تغطية وجوههم أو يطلب منهم رفع الصور التي يحملونها بطريقة تغطي وجوههم لحظة تصويرهم كي لا تظهر في الصور التي يتم التقاطها ونشرها، من دون أن ينتبهوا إلى أن كل من تواجد أو مر في المكان لحظة التصوير أو تنفيذ الاعتصام رأى وجوه المشاركين، فأي مبرر إذن لتغطية وجوههم؟ وما قيمة اعتصام لا ترى فيه إلا اللافتات؟
كل فعالية تقام في البحرين لا تخفى على الجهات المعنية بالأمن، ومعرفة المشاركين في تلك الفعاليات عملية سهلة للغاية خصوصاً مع توفر أشخاص من نفس المناطق لا يؤمنون بتلك الفعاليات ويدركون واجبهم تجاه الوطن. أي أن من تتم تغطية الوجوه عنهم يعرفون كل الوجوه فأي مبرر بقي لتغطيتها عند نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الفضائيات «السوسة»؟ ولماذا يتم تغطية الوجوه في وقت ينادي فيه المشاركون في البرامج التي تبثها تلك الفضائيات بتحدي السلطة؟
صور أخرى نشرت في وسائل التواصل الاجتماعي لمظاهرات - تم تصويرها بالفيديو والكاميرات والهواتف المحمولة من قبل الكثيرين - حرص ناشروها على تغطية بعض وجوه المشاركين فيها، وهو ما يؤكد سطحية فكر ذلك البعض «المسؤول» عن النشر، حيث الخوف ينبغي أن يكون من المتواجدين في المكان أكثر من مشاهدي الصور عبر التويتر أو الفيسبوك أو الانستجرام.
طالما أنك أعلنت أنك انضممت إلى هذا المعسكر وقررت مواجهة السلطة فما الذي يخيفك؟ طبعاً السؤال على افتراض أن الجهات المعنية بالأمن لا تعرف المشاركين في تلك الفعاليات. أوليس من الشجاعة أن تقول ها أنذا ؟ هل يعقل أن ترفع صوتك بطريقة لا يسمعك فيها أحد؟ فلماذا إذن ترفع صوتك؟ ولماذا شاركت في الفعالية طالما أنك تخشى من العواقب؟
لا قيمة لتغطية الوجوه، لا إلكترونياً ولا واقعاً بلبس الأقنعة أو مداراتها لحظة التصوير برفع الصور واللافتات، فالكل مكشوف لذوي العلاقة، ولولا هذا لما تم استدعاء أحد للتحقيق، حيث الاستدعاء لا يتم اعتباطاً، وحيث التحويل للنيابة العامة ومن ثم المحكمة لا يتم إلا لمن يثبت أنهم تورطوا في القيام بفعل مخالف للقانون.
ما ينبغي أن يعلمه العاملون على تغطية وجوه المشاركين في تلك الفعاليات لحظة تصويرهم أو نشر الصور والأفلام بغية حمايتهم هو أن التعرف على الأشخاص لا يكون عبر الوجوه فقط حيث يمكن الاستدلال عليهم حتى من خلال أحجامهم وأطوالهم وطريقة وقوفهم، لذا فإن الاستمرار في هذا الأسلوب يمكن أن يكون سبباً في السخرية من المستمرين فيه.