كذب الحوثيون علاقتهم بطهران ليل نهار ونفوا وأقسموا على لسان قياداتهم عبر وسائل الإعلام أن تكون لإيران يد في تسليحهم أو لها يد في صناعة قرارهم، حتى أقرت طهران أن الصواريخ التي يقذفها الحوثة على المملكة العربية السعودية هي صناعة إيرانية!!
كما كذب من قبلهم تيار ولاية الفقيه في البحرين أن للتنظيمات التابعة للتيار علاقة بإيران أو بالحوثيين في اليمن أو تربطهم رابطة بحزب الله في لبنان أو العراق، وأقسموا بدءاً من فقيههم إلى سياسييهم إلى إعلامييهم أن قرارهم بيدهم وحدهم، وليس لإيران تأثير عليهم، ثم ثبت بالأدلة والبراهين والشواهد أن إيران هي سيدة قرارهم، وأن تنظيماتهم «البحرينية» منها و»العربية» بشكل عام خاضعة جميعها بلا استثناء لطهران ولسيدهم الفقيه هناك، وما هم إلا عبيد وخدم له، وكشفت الأيام حجم الاستعباد والارتباط الذي رهن قرارهم في كل صغيرة وكبيرة في حياتهم في إيران، حتى أصبح قرار المشاركة في الانتخابات من عدمه في أوطانهم قراراً طهرانياً وأصبح قائد للحرس الثوري الإيراني حاكماً لبغداد عاصمة العروبة.
فهل أقنعت إيران الفقهاء المعتمدين لديها والسياسيين والإعلاميين وجميع الوكلاء عنها التابعين لها والمؤمنين بالولاية الكلية للفقيه الإيراني عليهم، أن الكذب من أعمدة الإسلام الخمسة؟! وأن القسم كذباً وزوراً وبهتاناً جائز شرعاً؟ وأن التدليس في حلف الغموس من الإيمان؟!
سؤال: من أين يستقون مشروعية الكذب إذاً؟
هل الحديث عن «استهداف» الشيعة في البحرين عند أجنحة هذا التيار وعلى رأسهم صحيفتهم جزء مكمل من مسلسل الكذب والتدليس المشروع من فقيههم؟ خاصة وهم على يقين ويعلمون أن للشيعة في البحرين حرية ممارسة مناسكهم وطقوسهم، وللشيعة في البحرين مساجدهم ومآتمهم وأوقافهم ومحاكمهم وإجازاتهم وحرية تنقلهم وجمعهم لخمسهم وإجازاتهم، وللشيعة في البحرين ما ليس لهم في أي دولة عربية؟ حيث يمنح دستور البحرين بل ونظامها حتى قبل الدستور ذلك القدر الكبير من الحريات الدينية لهم ولغيرهم ما لا تمنحه أي دولة عربية للمواطنين، فهل القول باستهداف الشيعة جزء مكمل من هذا المسلسل الذي أقسم فيه الحوثيون أن إيران لا تدعمهم؟
كيف أصبح تحقيق النيابة إذاً عن جريمة جمع أموال خارج نطاق القانون وبدون ترخيص وجريمة التحايل على رصد الأموال ومتابعتها تحقيقاً في الخمس؟ كيف أصبح التحقيق في أوجه الجمع تحقيقاً في أوجه الصرف؟ ليثبت أي متهم بأن أسئلة المحققين تدور في الجوانب الشرعية للخمس؟
هل تقبلون أن ينجو «محتال» جمع 10 ملايين دينار إن كان غرض الجمع الزكاة؟ هل «يحلل» الغرض من الجمع، جمعه بطرق غير قانونية؟ وهل ينجو من تحايل على إجراءات رصد الأموال التي جمعها ومتابعتها كما يقتضي القانون، لمجرد أن المحقق معه قال إن الغرض من جمع الأموال كان دينياً هو الزكاة؟ وهل التحقيق معه يجعل الدولة تستهدف فريضة دينية وجعل الدولة تستهدف الدين؟
ما هي أدوات القياس التي جعلت من التحقيق في نموذج «الزكاة» تحقيقاً مطلوباً من الدولة، وجعلت التحقيق في نموذج «الخمس» استهدافاً طائفياً؟
هذه واحدة.. خذ الثانية.. هل التوجيه الإرشادي للمبتعثين والجاري العمل به في كل دول العالم وفي كل المدارس الثانوية في العالم أجمع قبل دخول الجامعة، وتقوم به جهات أهلية مثلما تقوم به جهات رسمية تساعد به الطلبة على اختياراتهم الدراسية للوظيفة المستقبلية أصبح يعتبر دليلاً أو بينة على «استهداف» طائفي للشيعة؟!!!! هل هذه هي «أدلة» هذه الجماعة على الاستهداف؟ هل فعلاً تتداول هذه الجماعة هذه «المسببات» على أنها «أدلة» قاطعة وبينة على ادعاء أن البحرين تستهدف دينهم ومعتقدهم وتميز ضدهم؟ هل هذه هي أدوات القياس والتحليل التي يمتلكها هذا العقل الجمعي الذي يحكمهم؟
أم أن الحالة المرضية وصلت إلى مرحلة حرجة عز فيها العلاج؟... أو أن الكذب أصبح مثل شرب الماء البارد الذي «يسرسح» على الكبد «سرسحة» ما لها مثيل؟
لقد استفحلت الحالة وكشف الحديث الداخلي الذي كان يدور في الكواليس عن ضحالة العقل الجمعي الذي يحلل لهم الوقائع، عقل مغيب عن أدوات القياس والمنطق وبقية الأدوات وإن كان صاحبه ذا تحصيل علمي عالٍ، عقل قابل للمجادلة بأنها عنز لو طارت لأنها طارت بأمر الفقيه، وعنز أنبتت العقدة الاضطهادية المزمنة لها جناحها فطيرتها، عقل لا أمل لك في شفائه، عقل يكذب على نفسه فيصدقها ويكذب على الآخرين فيظن أن الآخرين صدقوا كذبته، عقل عاجز عن إثبات ظنونه -صحت هذه الظنون أم لم تصح- لأنه عاجز عن استخدام أدواته.