عدد الوحدات السكنية التي يتم توزيعها هذه الأيام عدد غير مسبوق في تاريخ وزارة الإسكان، عدد يدل على حجم الجهد الذي بذل في وزارة الإسكان في السنتين الأخيرتين، جهد غير عادي من حيث السرعة ومن حيث الكم والنوعية قياساً بعمر الوزارة.هذا الجهد قد لا يرى بالعين المجردة، إنما هو جهد جرى خلف الكواليس بدءاً من رأس الهرم في هذه الوزارة أي الوزير وفريقه ولم ينتهِ عند وزارة الإسكان، بل امتد حتى عند الشركاء من القطاع الخاص الذين ساهموا في إنجاز هذه المشاريع ومعهم الوزارات الأخرى التي ذللت العقبات للوزارة للانتهاء من البنية التحتية للمناطق الجديدة كي تمكن وزارة الإسكان من الانتهاء والإنجاز في مواعيدها.مع الأخذ في الاعتبار أن هذا الكم وهذه السرعة لم تكن لتتحقق بسبب الميزانية الكبيرة التي توفرت فقط، أبداً بل بسبب جهد بذل فوق العادة، تطلب حضوراً غير عادي وساعات عمل أكثر من المعتاد.هذا المقال غير مخصص لوزارة الإسكان فحسب بل بدأت بها كنموذج من السهل رصد الخدمات التي تقدمها وزارته، إنما هناك وزارات وهيئات أخرى وزيرها أو رئيسها يداوم أحياناً 12 ساعة في اليوم وأحياناً أكثر من ذلك، وفريقه معه يظل لا يعود لبيته ويلحق اجتماعاً باجتماع ويتخذ في اليوم عشرات القرارات المهمة وتنجز منها إجراءات ويخرج ميدانياً للمواقع ولا يكتفي بمكتبه، ولا ينهي يومه ومعاملة باقية على مكتبه دون اتخاذ قرار فيها.المواطن لا يرى من جهد هذا «الفريق» الحكومي إلا رأس الجبل الجليدي فقط، حين يستلم «الخدمة» أياً كان نوعها، لا يعرف أن أشخاصاً لا يرون أطفالهم وأسرهم إلا لماماً ولا يعيشون حياتهم الطبيعية ويصلون الليل بالنهار من أجل أن ينجزوا هذه الخدمة ويسلموا هذه الأمانة. وللأمانة ليست كل الوزارات مثل بعضها وليس كل الوزراء والمسؤولين مثل بعضهم، فهناك وزراء ومسؤولون «تنقع» المعاملات في مكاتبهم غير متواجدين أغلب أوقاتهم ينشغلون بكل شيء عدا انشغالهم بمسؤولياتهم، فريقهم «مريح» ينشغل بخدمة الوزير أكثر من انشغاله بخدمة الوزارة، صوره قد تملأ الصحف لكن تقييم إنجازه يحتاج لحيادية وإلى رصد دقيق كي يميز بين بهرجة بلا إنجاز وبين إنجاز دون بهرجة.فالفرق ليس أن هذه الوزارة «شغلها» كبير وتلك الوزارة «شغلها» قليل، بل الفرق أن هناك مسؤولين يرون في العمل تكليفاً مرهقاً وأمانة في رقابهم، والفرق أن بعض الوزراء ضميرهم لا يسمح أن تكون هناك معاملة غير منجزة تؤخر من العمل وتعطل الإنجاز أو تقلل من نوعية الخدمة التي يراد إنجازها نائمة في أدراج مكتبه أو أدراج مكتب فريقه.لم يعد العمل الحكومي في العديد من الوزارات كالسابق، الساعة الثانية مساء الوزير حمل بشته وغادر لبيته، أو يقضي معظم أيام السنة من بلد إلى بلد يتنقل، وفريق الوزير لم يعد مرفهاً كما كان قبل سنوات يناله من المنصب الحظوة ومن الجهد القليل.الأمانة تقتضي أن تعرف وتتابع وترصد وتقيم القيادة الفروقات في الأداء بين من عينتهم وكلفتهم من وزراء ومن وكلاء ومن مديرين ومن في حكمهم لتفرق بينهم في أدائهم الأمانة، لا أن يعرف المواطن العادي فقط بعضاً مما يجري خلف الكواليس في العديد من الوزارات وكيف تدار الأمور فيها، فمن الظلم فعلاً أن «اللي يعزي واللي ما يعزي ياكل من عيش الحسين»!!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90