من أخطر الأضرار التي تحدق بالاقتصاد المحلي والوطني هو تأجير السجلات التجارية على أجانب من غير البحرينيين، فهناك آلاف البحرينيين مع الأسف الشديد يقومون بتأجير سجلاتهم على أجانب من أجل الحصول على مبالغ متواضعة نهاية كل شهر أو كل عام، وهم يعلمون أو لا يعلمون مدى خطورة هذا السلوك الخاطئ والضار بالاقتصاد الوطني، وكذلك مدى خطورة انعكاس هذا الأمر على المؤجرين أنفسهم حين يفشل المستأجر الأجنبي في تحقيق الأرباح المفترضة، فتتراكم الديون على صاحب السجل -البحريني- وليس على المستأجر مما يدفعه هذا الأمر إلى الهروب خارج البحرين ليتحمل صاحب السجل -البحريني- كل تلكم الخسائر والديون، فهنالك اليوم مئات القضايا في محاكم البحرين تتعلق بهذا الشأن.
حين تصفحتُ أرشيف ملف السجلات المؤجرة في البحرين منذ عام 2003 وما قبله وجدتُ أن هذا الملف لم يتحرك من مكانه باتجاه حلحلته، بل ربما نستطيع الجزم بأن هذا الملف الخطير والمؤثر على اقتصادنا المحلي بدأت تتوسع جوانبه الخطيرة وتزداد سوءاً وهو ما يخص تأجير السجلات البحرينية على الأجانب، في الوقت الذي تستطيع الجهات المعنية معالجة المشكلة بقرارات صارمة وقانونية، لكن يبدو أن هذه المسألة أخذت في طياتها الكثير من الفساد المستشري، بل هناك «تعامٍ» رسمي وشعبي عن كل ما يتم طرحه بخصوص السجلات البحرينية المؤجرة، وهذا يتطلب تحقيقاً نيابياً واسعاً قد يعيد بعض المياه إلى مجاريها.
إذا كان بيع السجلات أو ما يسمى «بالتستر التجاري» يقوم به أفراد المجتمع فإن اللوم بالدرجة الأولى يقع على عاتق هؤلاء الأفراد الذين لا يراعون حقيقة هذا الأمر وخطورته من أجل الحصول على حفنة من الدنانير، ومن ثم تقع المسؤولية الأخرى على عاتق الجهات المسؤولة التي تتعامل مع هذا الملف بصورة يشوبها التراخي والإهمال، مما جعل هذه الظاهرة تنتشر بشكل كبير في أوساط المجتمع البحريني خلال الأعوام الأخيرة.
يروي لي أحدهم أنه تعامل مع أحد المقاولين الذين يملكون سجلاً تجارياً رسمياً من أجل بناء منزله، وبعد فترة وجيزة من العمل في المنزل ووجود الكثير من الإهمال في طريقة البناء ومماطلة المقاول وتأخير العمل فيه، اكتشف أن من يدير هذا السجل رجل «بنغالي» يقوم بالنصب والتحايل على المواطنين لكن بصورة قانونية لأنه يملك سجلاً تجارياً رسمياً لأحد المواطنين، ومازال العمل في منزل هذا المواطن يراوح بين الجمود والعمل البطيء، وهو «محتار» اليوم في كيفية التعامل مع هذا الأجنبي الذي لو قام بتقديم شكوى ضده لربما يخسر الدعوى لأن صاحبنا البنغالي يمشي في «السليم» أو ربما في أحسن الحالات يخسر أمواله التي أعطاها إياه حين تتم محاكمته!
يجب على وزارة الصناعة والتجارة والسياحة أن تلتفت بشكل جدي إلى هذا الملف الساخن والخطير من أجل معالجته بشكل جذري، ومعاقبة كل مخالف للقانون البحريني، كما يجب عليها حماية كل المتضررين الذين يعانون من خداع الأجانب ممن يملكون سجلات رسمية لبحرينيين، ومن بينهم صاحبنا الذي ذكرنا معاناته قبل قليل مع «البنغالي» الذي جاء إلى هذا الوطن بصفته عاملاً عند أحد المقاولين ليجد نفسه بين ليلة وضحاها من أبرز أرباب العمل في مملكة البحرين!!