المجتمع البحريني والخليجي ليس ببعيد عن العمل الإنساني والعمل التطوعي، فحياتنا ليست على نسق «عطني وأعطيك»، أبداً لا تعيش مجتمعاتنا على حب الذات المطلق، فهم من ورثوا أجمل القيم الإنسانية من أجداد بنوا أمجاد الخليج، فسلوكنا تجاه الآخرين حتى وإن لم يكونوا على ملتنا وعقيدتنا تتبع أرقى المعاملات فيما بينها، فنحن ننهج وننهل من نهل نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام «حب لأخيك ما تحب لنفسك»، وهذا ما يقودنا دائماً إلى العمل التطوعي والإنساني كجزء هام في منظومتنا الحياتية، ويومنا لا يخلو من التفكير في الآخرين وكيفية مساعدتهم على الصعيد المحلي والدولي على حداء سواء، تطوع وإغاثة ودعم ومساعدة وعون، هذه هي الروح الإنسانية التي تميزنا، فالعمل الإنساني أصبح جزءاً هاماً من حياتنا مثل الروتين اليومي، مثله مثل الذهاب للعمل وزيارة الأهل وممارسة الرياضة، عمل لا نأبى أن نسوق عنه أو أن يعلم الناس بما نقوم به لمساعدة الآخرين، لأننا في المقام الأول لا ننتظر الأجر أو الثناء من الآخرين بقدر ما نرتجي من ذلك رضا الله سبحانه وتعالى، وثوابه على العمل الصالح، في الوقت نفسه إدخال السعادة والرضى ولو بالقليل على الآخرين، فلولا الحاجة ما استعان بني البشر بالآخرين وهذه حال الدنيا، اليوم تحتاجني وغداً أحتاجك ودائرة الحياة هي كما نقولها بكلامنا الدارج «يوم لك ويوم عليك».
العمل التطوعي والإنساني أصبح في دوامة مقاييس الناس والمجتمعات، فدول العالم اليوم تقيس الشعوب والمجتمعات من خلال عملها التطوعي ومساعداتها الإنسانية، قد تضخم المشهد أو تستصغره او تصنفه بحسب أهوائها، ولكننا كمجتمعات خليجية لا يهمنا كيف تنظر لنا دول العالم وبأي منظار ترانا به بقدر ما يهمنا المساعدة وإغاثة الآخرين، بمنظارنا نحن وبمقياسنا نحن. هناك منظمات عديدة معروفة تقوم بالعمل الإنساني بصورة مستمرة، لكنها تتوارى وراء أجندات خاصة بها، قد تكون دينية أو أيديولوجية، وهناك أيضاً أشخاصاً عرفناهم بالعمل الإنساني ووهبوا أنفسهم لذلك ولم يبالوا بالتسويق عن أنفسهم وعن عملهم، وهناك من ينافق في ذلك فالأمثلة كثيرة ووحده المولى عز وجل يعرف النوايا ولسنا بصدد الدخول في هذه النوايا حتى على مستوى الدول.
مجتمعاتنا ولله الحمد تغرس روح التعاون والتعاضد في العمل التطوعي والإنساني في الأطفال والشباب بدءاً من محيط الأسرة والمدرسة، وقيادتنا الرشيدة وبعض مؤسسات الدولة والمؤسسات الخاصة نماذج جميلة في هذا الغرس وبث روح العمل الإنساني، وهذا لله الحمد أشبه ما يكون بالمؤنة التي ندخرها دوماً كحرز ليحفظ الله بها أرض البحرين ودول الخليج وشعبها الوفي من أن تدنسها أيادي تسعى لنشر الفساد، عسى الله أن يتقبل منا صالح الأعمال وأن نكون ملهمين في العمل الإنساني وان يسعد بعملنا الإنساني الشعوب التي تحتاج إلى المساعدة.
كلمة من القلب للشعب العماني:
أعجز عن أن أعبر عن مدى سعادتي وشكري للشعب العماني بما لقي مقالي السابق «سلطنة عمان في عيون متابعي ماجد الصباح» من اهتمام واضح من خلال قراءة المقال ونشره عبر مواقع متعدده خاصة ورسمية، وبصراحة لم أتوقع هذا الكم من الردود الكثيرة والجميلة من شعب مضياف وودود ومحب لوطنه، برغم أنني لم أوفِ حق هذا الوطن الطيب في مقالي السابق، فما في القلب أكبر من أن أعبر عنه في بضع كلمات، وأنا لا ألوم الشيخ ماجد الصباح عندما قال «عمان أصبحت جزءاً كبيراً في قلبي»، فجميع متابعيه شاهدوا لحظة الوداع ومدى حزنه لمغادرة أرض السلطنة، وهذا دليل واضح على ما لاقى الشيخ ماجد الصباح من حسن ترحيب وضيافة وحب مكنون لشخصه، فمواقع التواصل الاجتماعي اشتعلت حباً له لحظة وصوله ومازال المغردون فرحين بهذه الزيارة، لا نلوم الشيخ على هذا الحب فالمحبة من الله، كل الشكر والتقدير للشيخ ماجد الصباح على «سنباته» الجميلة ولجميع فئات الشعب العماني الراقي.