قبل شهر أوباما أنكر أنه دفع 400 مليون فدية لإيران وصرخ كيري وزير خارجيته «أمريكا لا تدفع فدية لرهائن» ثم وفي أقل من شهر أقر واعترف أنه دفعها فدية لإيران لإطلاق سراح أمريكيين بل زاد على الفدية أن أطلق سراح عدد من الإيرانيين وأقفل التحقيق مع إيرانيين آخرين!! فإذا كذبوا على شعبهم ألا يكذبون علينا؟!!
للتذكير اضطر رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الجمهوري ريتشارد نيكسون أن يستقيل عام 1974 لفضيحة تقل في أهميتها عن فضيحة أوباما بكثير ويعتذر للشعب الأمريكي، إنما ذلك حين كانت أمريكا.. أمريكا!
عام 2006 نشرت مجلة القوات المسلحة الأمريكية مقالاً للنائب السابق لرئيس هيئة الأركان رالف بيترز عنوانه «حدود الدم» دعا فيه إلى إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط، واعتراض رئيس هيئة الأركان التركي حين ذاك على وجود دولة كردية على حدود تركيا الجنوبية في تلك الخارطة، ورغم نفي الإدارة الأمريكية اعتمادها لهذه الخارطة إلا أن تسليح هذه الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما للبشمركة الكردية في الأعوام الأخيرة بحجة محاربة داعش لهو أكبر دليل على تشجيعها الأكراد على بناء دولتهم كما رسمها رالف بيترز قبل عشرة أعوام، فإذا كذبوا على الأتراك حليفهم الأقوى في الشرق الأوسط بعد إسرائيل، ألا يكذبون علينا؟
عام 2002 تقدمت مؤسسة راند بدراسة أوصت فيها بإسقاط هذه الأنظمة الخليجية واستبدالها بدولة شيعية في شرق الجزيرة العربية ونفت الإدارة الأمريكية قناعتها بتوصيات راند وبعثت بتطمينات للمملكة العربية السعودية، لكننا نشهد يومياً خاصة على يد هذه الإدارة محاولات حثيثة لتنفيذ تلك التوصيات، فإذا كذبت على المملكة العربية السعودية أفلا تكذب علينا؟
نستطيع أن نقول عظم الله أجركم في هيبة الولايات المتحدة الأمريكية وفي مصداقيتها وفي الثقة فيها، هكذا أصبحت صورة الإدارة الأمريكية اليوم تحت قيادة هذه الإدارة قمة المسخرة باختصار وبلا رتوش!! دولة لا تؤتمن إدارتها على شعبها، فكيف نأمنها على مصير شعبنا؟ ولن يتغير الأمر كثيراً بفوز هيلاري كلينتون الديمقراطية والتي كانت وزيرة لخارجية أوباما يعني من أهل بيته، وحتى لو فاز ترامب الجمهوري، فالوضع كله لا يبشر بخير في عودة الولايات المتحدة الأمريكية على ما كانت عليه، دولة حليفة يمكن الاطمئنان لوجودها في إقليمنا ودولة نحرص على الاستماع لنصائحها، فلا يمكن أن نرهن أمننا أو نثق بقدرة تحالفنا على صد المخاطر والتهديدات عنا مع دولة ينعدم ثقلها في ميزان النزاهة والمصداقية إلى الدرجة التي انحدرت إليها الولايات المتحدة الأمريكية، بل ودولة تتحالف مع أعدائنا وهي حليفتنا.
لهذا علينا في دول الخليج وفي البحرين بالأخص أن نضع تصورات لمستقبل الخليج العربي الأمني لا بالتمسك بالبدائل فحسب بل باعتبار أي عامل ارتباط أمريكي بحريني، أو أمريكي خليجي، عاملاً يشكل خطراً مهدداً لأمنناً، لذا فإن تغيير استراتيجيتنا السياسية والأمنية عليه أن يرتكز على فك عناصر الارتباط تمهيداً لفك الارتباط الكلي.
باستبعاد «رجال أمريكا» في نظامنا أولاً، المجموعات التي تعدها الولايات المتحدة الأمريكية «وسطاءهم» أو من تفضل التعامل معهم في المحادثات والتفاوضات وتعتبرهم وسيطاً لتقريب وجهات النظر بيننا وبينهم، فهؤلاء خطرهم لا يقل عن خطر من انقلب على دستورنا، إذ بفضل هؤلاء تمدد نفوذ الانقلابيين في السنوات الأخيرة وبفضل توصياتهم عليهم، تتشكل بوادر وملامح لخارطة رالف بيترز.
ثم يليها خطوة مهمة ترتكز على عدم الانصياع أو حتى القلق من أية تقارير أو تصريحات أو نصائح خاصة تلك المتعلقة بإجراءاتنا الأمنية أو أحكامنا القضائية وبملف حقوق الإنسان، فكلها تقود إلى الإخلال بأمننا وباستقرارنا خاصة وأنها حافلة بالمتناقضات مع استحقاقات أمنهم أو أمن حلفائهم الجدد، فلهؤلاء تغمض العين ولا ترى أية انتهاكات.
وبذات السرعة وبخط متوازٍ ندفع باتجاه الاتحاد مع المملكة العربية السعودية فوراً ودون تأخير ودون أعذار بيروقراطية غير مجدية، وحث بقية دول مجلس التعاون على الإسراع في هذه الخطوة، وتعزيز كل ما يسرع بهذا الاتحاد سواء كان الدفع بالاتحاد الثنائي أو الثلاثي والبقية تلحق بنا، وذلك بتعزيز وجود «رجال الخليج» في مفاوضاتنا ومباحثاتنا الخليجية، رجال يؤمنون بالاتحاد ويملكون القدرة على تذليل العقبات والبحث عن الحلول والبدائل للمعوقات.
الأمر ليس مزحة، فالعلاقة بيننا وبين الولايات المتحدة الأمريكية من سيئ لأسوأ والبدائل مضمونة ومحدودة ولا خيار ثالثاً بينهما مما يترك لنا مجالاً ورفاهية للانتقاء.