يبدو أن الحملة الأخيرة ضد هيئة الثقافة والآثار في البحرين بدأت أكثر تنظيماً من طرف بعضهم، فالهجوم الشرس وغير المبرر ضد الشيخة مي بنت محمد آل خليفة بدأ وكأنه شأناً شخصياً أكثر من كونه نقداً للوضع الثقافي في البلاد حتى وإن نفى هؤلاء «شخصنتهم» هذه الحرب الضروس ضد الهيئة وراعيتها.
نحن هنا لسنا في مقام الدفاع عن هيئة الثقافة ولا عن الراعية الأولى للثقافة في البحرين الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، لكن لعلمنا اللصيق بعمل الهيئة وبالجهود الجبارة التي تقدمها هذه المؤسسة الرسمية التي استطاعت خلال الأعوام الأخيرة من وضع مملكة البحرين على خارطة الثقافة والآثار العالميتين واستقطاب آلاف السائحين واستقطابها لكبار المثقفين والمبدعين عبر العالم نحو مملكة البحرين لم يكن يحدث لولا الجهود الكبيرة التي كانت تبذل بطريقة احترافية ومخلصة من طرف كافة العاملين في قطاع الثقافة وعلى رأسهم الشيخة «مي».
نقول ونكرر هنا، نحن لا نرفض النقد البناء للشيخة مي ولا لغيرها من المسؤولين والوزراء في البحرين، فخطوط الصحافة في البلاد مفتوحة ومتاحة للنقد الصادق الذي يعيد الحياة الفاعلة داخل مؤسسات الدولة لمكانتها الطبيعية، لكن أن تصل المسألة إلى مرحلة «الفجور في الخصومة»، وبشكل هابط ورخيص ضد هيئة الثقافة والقائمين عليها فهذا لا يمكن أن يقبله أي متابع للشأن الثقافي في البحرين.
إن كل المحاولات المغلوطة من طرف هؤلاء الموتورين الذين يحاولون إبراز مملكة البحرين وكأنها تعيش أزمة كبيرة على صعيد القطاع الثقافي متمثلة فيما أسموه «أزمة هيئة الثقافة» تعتبر حركات غبية ومفضوحة، فغالبية من ينتقد الدور الكبير للثقافة في البحرين هم من الأشخاص الذين ربما لم يحضروا فعالية واحدة من فعاليات الثقافة أو من الأفراد الذين يرددون ما لا يعلمون أو أنهم من أعداء الثقافة الحية والمتنوعة التي تثري المشهد الثقافي في الوطن العربي!
في حال أردنا انتقاد الهيئة ورئيسها الشيخة مي بنت محمد آل خليفة فإننا لن نتوانى في أن نذهب لمكتبها بصورة مباشرة لنقد أدائها في وجهها دون الحاجة لإعلان مثل هذه الحرب، فالتجربة علمتنا أن مكتبها مفتوح للجميع وليس هناك من حجاب أو حراس يقفون في وجهنا - كما هو الحاصل مع بعض المسؤولين في الدولة - وذلك حين نرغب في مقابلتها وانتقادها. الثقافة ليست فوق النقد والشيخة مي ليست معصومة من الزلل، فالنقد الهادف هو الذي يشجع الجميع على العمل في بيئة وطنية نظيفة بعيداً عن الانفعالات والعواطف الساذجة، فما كنا نرجوه ونتمناه من بعض الإخوة الإعلاميين أن يطرقوا البيوت من أبوابها وليس عبر افتعال حروب وهمية ضد من يعمل بجد واجتهاد لصالح الوطن، فالذي يخطأ هو من يعمل والذي لا يعمل لا يمكن له أن يخطأ، فهل وصلت الرسالة؟