إذا ما أرادت الأمم المتحدة وخبراؤها النجاح في تعزيز حقوق الإنسان عليهم الابتعاد عن تسيس القضايا الإنسانية، وعدم الكيل بمكيالين وتهويل الإجراءات الأمنية الحامية للمجتمعات من الإرهاب والتطرف في حين تغض النظر عن مجازر تحصل في بلدان عدة. عندما يصدر بيان من بعض المقررين الخاصين بالأمم المتحدة، على إثر استدعاء واستجواب مجموعة من الخارجين على القانون بالبحرين، حسب القوانين الوطنية الحامية للمجتمع، وتوصيف هذا الإجراء على أنه «له تأثير سلبي على حقوق الإنسان»! وجب الوقوف عند هذا البيان لمخالفته القوانين والاتفاقات الدولية التي التزمت بها الدول.
مخالفة القوانين الدولية
إن البيان قد غفل أو تغافل عما جاء في قرار الأمم المتحدة رقم 1963 لسنة 2010 الذي اتخذه مجلس الأمن في جلسته رقم 6459، حيث أكد أن الإرهاب بشتى أشكاله ومظاهره يشكل واحداً من أخطر التهديدات للسلام والأمن الدوليين وأن أي عمل إرهابي هو عمل إجرامي لا مبرر له بغض النظر عن دوافعه وتوقيته وهويته وتركيبته، ولا يمكن ولا ينبغي ربط الإرهاب بأي دين أو جنسية أو حضارة أو جماعة معينة. كما أن القرار ألزم الدول الأعضاء بمنع وقمع تمويل الأعمال الإرهابية، وتجريم القيام عمداً بتوفير أو جمع الأموال بواسطة رعاياها أو في إقليمها، بأية وسيلة كانت، مباشرة أو غير مباشرة، بنية استخدام تلك الأموال، أو علماً بأنها ستستخدم للقيام بأعمال إرهابية، وبتجميد الأموال وأي أصول مالية أو موارد اقتصادية لأشخاص يرتكبون أعمالاً إرهابية، أو يحاولون ارتكابها، أو يشاركون في ارتكابها أو يسهلون ارتكابها، أو لأشخاص وكيانات تعمل لحساب هؤلاء الأشخاص أو بتوجيه منهم، بما في ذلك الأموال المستمدة من الممتلكات التي يمتلكها هؤلاء الإرهابيون ومن يرتبط بهم من أشخاص وكيانات أو الأموال التي تدرها هذه الممتلكات.
الكيل بمكيالين
إننا كمتابعين نتفهم مدى حرص مقرري الأمم المتحدة، الحفاظ على الحريات وحقوق الإنسان، ولكن ما لا نتفهمه كيف غفل المقررين عما يدور الآن في سوريا من انتهاكات، أفضت إلى قتل أكثر من 300 ألف إنسان وتهجير أكثر من 12 مليون سوري! وما يقوم به «حزب الله» اللبناني الإرهابي الذي تمت إدانته بغسل الأموال والاتجار بالمخدرات والدعارة وإرسال ميليشياته لقتل السوريين، وما يقوم به «الحشد الشعبي» الشيعي في العراق من قتل على الهوية وتهجير على أساس طائفي، وما تقوم به إيران من دعم للميليشيات الإرهابية باعترافات مسؤولين بالحرس الثوري الإيراني، وإدانتها في عدة دول بالإرهاب والتجسس وزرع الخلايا الإرهابية وتفجير السفارات، وما يعانيه الأحواز من اضطهاد على أساس عرقي ومذهبي.
ما لا نستطيع تفهمه صمت المقررين بعد إعلان الرئيس باراك أوباما بوقت قصير من أداء اليمين الدستوري بتاريخ 16 أبريل 2009 عن ضمانات بعدم مقاضاة كافة الموظفين الأمريكيين الذين شاركوا بعمليات التعذيب، والرفض القطعي لزيارة الأمم المتحدة لأي من سجونها والمعتقلات التي تحت سيطرتها! والتفتوا لبلد صغير مثل البحرين رغم أنها أدركت خطورة ظاهرة الإرهاب منذ أمد، وقامت بإصدار قانون رقم 58 لسنة 2006 بشأن حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، ومشاركتها الفعلية لمكافحة الإرهاب في إطار التعاون الدولي لجهود عمليات حفظ السلام ومكافحة القرصنة والإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة!
إلى من يهمه الأمر
من تم تسميتهم بالحقوقيين والنشطاء، هم من مجدوا الإرهاب ودعوا إليه، وهم من سبحوا في فلك «النشطاء» ومنهم المدعو عبدالرؤوف الشايب المدان بالمحاكم البريطانية بتهم تتعلق بالإرهاب والمدعو قاسم الهاشمي مغتصب الأطفال، ولتعلموا أن الشعوب بعدما رأوا خذلناكم لما يحدث في سوريا والعراق تكونت لديهم قناعة أن قضايا حقوق الإنسان أضحت للابتزاز السياسي ليس إلا، وأن أمن الأوطان ليس مرهوناً بتجاذباتكم، بل يسمو لحماية المجتمعات من براثن الإرهاب والطائفية.