حديث عام يتكرر دائماً في مجالس البحرين بين الأشخاص بشأن طموحاتهم، هناك من يقول بأن طموحه أن يكون تاجراً ناجحاً يكسب ملايين، وهناك من طموحه أن يرتفع في المناصب وغالباً ما يكون الكلام بشأن الرغبة في التنصيب في موقع «وزير».
الطموح ليس عيباً، ومن يريد يوماً أن يصبح وزيراً في الدولة ويحظى بثقة القيادة فعليه أن يعمل لذلك من منطلقات وطنية ومهنية بحتة.
لكن الطريف في الموضوع بأنك لو سألت الراغبين في الوصول لموقع «وزير»، عن أي وزارة يفضلون، فأجزم بالمليون أنك لن تجد شخصياً يفضل حمل مسؤولية وزارة الإسكان عن غيرها!
الملف الإسكاني في البحرين من الملفات الصعبة، والهم فيه متوارث، والتركة فيه ثقيلة، والأسباب متراكمة ومركبة، مبعثها ظروف عديدة مرت بها البحرين وكذلك المنطقة وتأثرنا بها اقتصادياً ومالياً.
وبناء عليه كانت النظرة السائدة بأن منصب «وزير الإسكان» من المناصب الصعبة جداً، بل من المناصب التي تستوجب أن يكون شاغرها «سوبرمان» أو «رجلاً قاهراً للمستحيل»، باعتبار أن تعقيدات الملف تخيل لك بأن المهمة بالفعل مستحيلة.
رغم ذلك، فإننا نشهد اليوم تحدياً للمستحيل، ومساعي جادة للتغلب عليه، وتذليلاً للصعوبات، ووجدت القيادة والحمد لله رجلاً مخلصاً قوياً في عمله يمضي لينجز ويضع التوجيهات الملكية وإرشادات القيادة نصب عينيه، بالتالي ها هي المنجزات تتحدث والأرقام تعبر عن نفسها.
لست أسعى هنا لمدح المهندس الوزير باسم الحمر، لأنه في رأيي لا يحتاج لمديح، ولم يسعَ له يوماً، لكنني أرى من الواجب منح هذا الرجل حقه من الاحترام والتقدير، خاصة وأنه أثبت جرأته وشجاعته باستلام هذا الملف الصعب، وأثبت مع مرور الزمن بأنه أهل لهذا التحدي.
ولربما هو رأي شخصي مني، لكنني أعرف تماماً سعادة جلالة الملك حينما يرى الطاقات القادرة على حمل المسؤولية، لمسناها منه شخصياً حينما نتشرف بالسلام عليه والحديث معه، بالتالي الأمر الملكي بإنشاء 40 ألف وحدة سكنية حتى عام 2018 يأتي ليؤكد الثقة في قدرات قيادة وزارة الإسكان ممثلة بالوزير الحمر وطاقمه سواء في الإدارة العليا أو كافة الموظفين معه.
وكما قلت الأرقام تتحدث، وخلال الشهور الماضية عشنا عمليات عديدة لتسليم مفاتيح الوحدات السكنية الجاهزة للمواطنين، ولمسنا فرحة الناس بذلك وتقديرهم للقيادة ولجلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، غير متناسين تقدير العمل الجاد للوزير الحمر.
واليوم حينما نرى بأن هناك عقوداً بمئات الملايين توقع بين البحرين ومقاولين محليين وخارجيين للمضي بعمليات البناء والأهم الإسراع بها لاستيفاء عدد الطلبات العديدة التي تتزايد سنوياً وتزيد من الأعداد في قوائم الانتظار، فإننا نرى حراكاً إسكانياً لا يمكن الاستهانة به ولا يمكن إغفاله.
ولأن هناك منجزات واضحة، وتنفيذاً على قدر المسؤولين من قبل الوزارة، وردود فعل طيبة من الناس، فإن اهتمام القيادة واضح تماماً، فجلالة الملك يعبر دائماً عن رضاه عما أنجز ويطالب بالمزيد من النجاح، وكذلك يفعل صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان من خلال اجتماعات العمل العديدة التي عقدها مع وزير الإسكان، وأيضاً سمو ولي العهد الأمير سلمان من خلال متابعته لأعمال اللجنة الوزارية للإعمار والبنية التحتية، بل تكريمه لطاقم العمل بالوزارة حين شرفهم بزيارة كريمة منه مؤخراً.
كثيراً جداً ما كتبنا عن الإسكان وملابسات ملفه الساخن، إضافة لمشاكل الناس وهمومهم، وللتوضيح هنا فإنه مهما حققنا من أرقام وإنجازات، ندرك بأن الرضا العام لن تبلغه الدولة بسهولة، لأن مسألة الطلبات لن تتوقف، وقوائم الانتظار والسنوات الطوال موجودة، ولكل شخص قصته وتاريخه مع طلبه الإسكاني.
لكن النظرة للأمر بإيجابية تفيدنا بأننا نمضي في طريق صحيح وأن الملف يتحرك والأرقام تكبر والإنجازات تحسب، وأن هناك من الناس من صبر فظفر ونال، وهناك منهم من مازال ينتظر ونتمنى لهم أن يفرحوا قريباً جداً بتحقق أمانيهم بشأن هذا الملف.
التحية واجبة لقيادة البلد على اهتمامها بهذا الملف، والشكر لجلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد على منحهم الثقة لهذا الرجل الكفء المخلص باسم الحمر ومنحه الدعم والإسناد والتوجيه اللازم ليعمل ويعمل ويعمل وينجز، وحينما يتحقق الإنجاز يستحق أن يشاد بجهده وعمله هو وطاقمه.
في قناعتي الشخصية بأن الوزير الناجح والذي يعمل بجد واجتهاد، ليس الوزير الذي نراه يومياً في الصحف والتلفاز وبتصريحات لا تتوقف، أغلبها تصاريح فيها حشو للكلام، بل هو الوزير الذي يعمل بصمت ولا يبحث عن الأضواء، بالتالي حينما ينجز ويحقق الهدف الذي من أجله أقسم أمام جلالة الملك واضعاً يده على المصحف الشريف، فإن الأضواء بالضرورة ستكون مسلطة على إنجازاته وكفاءته.
* اتجاه معاكس:
قد لا يعجب كثيرين ما كتبته أعلاه، لأنه كما بينت، كل شخص يرى المسألة بمنظوره وتجربته، وطبعاً للناس الحق في ذلك خاصة من عانى من الانتظار الطويل، لكن الفارق هنا بأنني أرى الموضوع من زاوية الحراك الحكومي وتحقيق المصلحة العامة، بالتالي الإنجاز موجود، رغم وجود الحالات المختلفة التي نتمنى لها حلولاً ونهايات سعيدة.