لو قيل لذلك البعض المهووس بإيران والذي يعتقد أنها مثالية ومدينة فاضلة ونموذج إن الإحصاءات تؤكد أنه يوجد فيها نحو عشرة ملايين مواطن تحت خط الفقر وملايين الجياع وسبع وعشرون مليونا يسكنون في بيوت الصفيح لاتهم القائل على الفور بالتجني على إيران واعتبره من الحاقدين عليها وعلى الملالي ولعله اعتبر ذلك تهجماً على الدين. لكن هذا للأسف لا يغير من الواقع شيئاً، ففي إيران الملايين من المواطنين الذين هم تحت خط الفقر، وملايين المواطنين الجياع، وملايين المواطنين الذين يسكنون في بيوت الصفيح، أما الأسباب فعديدة، ليس أولها الفساد، وليس آخرها الفاتورة التي تدفعها إيران لتمويل الحروب في سوريا والعراق واليمن ولبنان، ولتأليب شعوب أخرى على حكامها ودعمهم من أموال الفقراء الإيرانيين، فإيران تدفع ضريبة أحلامها الفاشلة وطموحها الذي لا تكسب منه سوى المزيد من الفقر في الداخل والمزيد من نبذ دول المنطقة لها، ولا تحصد سوى الفشل.
لو أن نصف الأموال التي دعمت بها إيران نظام الأسد في السنوات الست الأخيرة فقط وظفتها للارتقاء بحياة مواطنيها لما بقي في إيران اليوم فقير ولا جائع ولا بيوت صفيح، ولكسبت ثقة جيرانها ووفرت نموذجاً يحتذى، لكنها للأسف لم تفعل شيئاً من هذا القبيل بل استمرت في الأخذ من جيوب الفقراء كي تتمكن من الاستمرار في إشعال الفتن في كل دول المنطقة أملاً في أن يعيش حكم الملالي فترة أطول.
عندما يكون عشرة ملايين مواطن من بين الثمانين مليوناً تحت خط الفقر فهذا يعني أن النظام فاشل وأن الحكومة فاسدة وأنهما لا يصلحان ليحكما الشعب الإيراني الذي ذاق الأمرين منذ أن أجبر على وضع ثقته في هذا النظام وهذه الحكومة. وعندما يسجل واحد وعشرون مليون مواطن إيراني في سجل الجياع ويسجل سبع وعشرون مليوناً منهم في قائمة الساكنين في بيوت الصفيح فإن هذا يعني أن النظام لن يعرف غير الفشل ولا يمكن لحكومته أن تقدم غير صور الفساد.
رغم كل هذا لا يصدق ذلك البعض أي كلمة تقال عن النظام الإيراني وحكومة الملالي. يرفضه حتى وهو يرى بأم عينيه كيف يعيش الإيرانيون في بلادهم ويسمع منهم معاناتهم، فعندما يكون الإنسان مهووساً بشخص أو أمر أو نظام أو حكومة فالطبيعي هو أنه يعتبر كل ما قد يجرح ما هو مهووس به تجنياً واعتداء وظلماً وعدواناً.
أمر واحد فقط لا يستطيع أحد أن ينكره، وهو أن النظام الإيراني وحكومة الملالي وفراه للمواطن الإيراني وهو السماح له بممارسة طقوسه المتعلقة بالمذهب بكل حرية، ولولا هذا لثار الشعب الإيراني عليهما منذ زمن طويل. لكن بالتأكيد لن يظل هذا الشعب مغلوباً على أمره لهذا السبب، ففي نهاية المطاف لا بد أن ينتبه ويدرك أن المستوى المتدني الذي يميز معيشته هو بسبب ممارسات النظام وطموحات حكومة الملالي، فيتأكد أن ما يؤخذ من جيبه هو الذي يتم به تمويل تلك الأنظمة، ويعرف أنه صار فقيراً لأن حكومته تريده أن يكون كذلك، ذلك أنه لو توفر له كل ما يريد لما أمكن أن تجعل منه وقوداً وحجارة لتلك الحروب التي لا يمكن أن تكسب منها سوى الخسران.
الأرقام التي يتم تداولها عن أعداد الفقراء والجياع وساكني بيوت الصفيح في إيران مرشحة للزيادة دائماً وقد تتضاعف بسبب استمرار النظام الإيراني في عنته واستمرار حكومة الملالي في غيها.
لا بأس ألا يصدق ذلك البعض كل ما يقال عن إيران، البأس هو في استمرار الشعب الإيراني في صمته رغم أنه المتضرر الأكبر من حماقات نظامه وحكومته.