لن يقتضي الأمر وقتاً طويلاً حتى يتضح أن من دبر للمخطط الإرهابي الذي كان يستهدف السفير السعودي في العراق ثامر السبهان والذي كشفت عن تفاصيله المخابرات العراقية، هي إيران ومن يقف خلفها من الميليشيات الطائفية خاصة ما يسمى بـ «الحشد الشعبي» في العراق.
السفير السبهان أكد أنه يتعرض لاستهداف بشكل دائم، حيث تلقى تهديدات مسبقة عدَدها السفير بـ»العشرات»، خاصة من ميليشيات «الحشد الشعبي» والذي يعلم الجميع أنه تنظيم إيراني وجيش داخل الدولة العراقية، ولا غرابة في أن يستهدف السفير السبهان لما عرف عنه من مواقف حازمة ورادعة ضد من يحاول النيل من السعودية من بعض العراقيين الذين باعوا أنفسهم لإيران، فأصبحوا مثل الدمى التي تلعب بهم وقت ما تشاء، وغالباً ما تكون دول الخليج العربي وبالذات السعودية الجهات المستهدفة.
وعرف عن السفير السبهان وقوفه بالمرصاد لهؤلاء خاصة ذلك المدعو نوري المالكي الذي لم يتوقف يوماً عن إساءاته لدول الخليج العربي خاصة السعودية، إلى جانب تهديدات «الحشد الشعبي» لدولنا الخليجية، ولكن السؤال لماذا كل هذا العداء للسفير السعودي في العراق؟ أعتقد جازماً أن السبهان أظهر حبه واحترامه للشعب العراقي ذلك المكون العربي الهام لأمتينا العربية والإسلامية، واستطاع أن يعزز ذلك الحب بمواقفه المشهودة ودعمه للشعب العراقي الذي لم يتأثر أغلبه بدعوات الكراهية أو حملات التشويه التي تحاول إيران وأذنابها في العراق النيل من السفير السبهان.
هذا التقارب - وهو الأصل بين دولتين تجمع بينهما عوامل مشتركة مثل العروبة والإسلام والجوار وصلات قربى - أزعج الأمة الفارسية كثيراً، لأنه يقف ضد مخططاتها الطائفية في العراق، لذلك تسعى إيران وبقوة لاستمرار مشروعها الطائفي، ووأد أي محاولات تحول دون تحقيق أهدافها وأجنداتها، لذلك ستحرص على عدم حدوث أي تقارب أو استقرار في العلاقات بين السعودية والعراق، وستستخدم إيران في ذلك كل الوسائل الممكنة المشروعة منها وغير المشروعة، ومنها التهديدات وضرب كل القوانين والأعراف الدبلوماسية وهو أمر ليس مستغرباً على إيران التي يحفل تاريخها بالتهديدات والاعتداءات على البعثات الدبلوماسية والدبلوماسيين.
مسلسل التهديدات والاعتداءات الإيرانية على الدبلوماسيين لم ينتهِ أو لنقل لم يتوقف، فتلك الاعتداءات بدأتها الدولة الإيرانية منذ قيام ما يسمى بـ «ثورتها»، والتاريخ يؤكد أن الدبلوماسيين السعوديين لم يسلموا من تلك الاعتداءات، فخلال الثلاثين عاماً المنصرمة كانت البعثات الدبلوماسية السعودية موضع استهداف من إيران، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، مخطط اغتيال وزير الخارجية السعودية حالياً عادل الجبير عندما كان سفيراً للسعودية في الولايات المتحدة في العام 2011، والاعتداء على السفارة السعودية في طهران خلال الأعوام 1987 و2011، و2016، واغتيال دبلوماسي سعودي في أنقرة عام 1988 والاعتداءات على دبلوماسيين سعوديين في باكستان.
تلك الاعتداءات ليست وليدة صدفة وإنما جاءت بتخطيط وتدبير، وقد أشار تحليل أصدرته «وكالة المخابرات المركزية الأمريكية» في ديسمبر 1988 إلى أن «الرياض قلقة من أن يكون اغتيال دبلوماسي سعودي في أنقرة في 25 أكتوبر الجولة الافتتاحية في حملة إرهابية تستهدف مسؤولين سعوديين ومرافق سعودية» «انتهى»، وهذا بالفعل ما حصل بعد هذا العام واستمر حتى أيامنا هذه، ولقد فاض الكيل بالسعودية واضطرت لاتخاذ موقف حازم تمثل في قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في يناير من العام الحالي.
لذلك ومع هذا التاريخ الإيراني «المليء» بالاعتداءات على الدبلوماسيين السعوديين، فلن يكون التخطيط الإيراني لاستهداف السفير ثامر السبهان أمراً مستغرباً، ولكن العراق هنا مطالب بحماية البعثات الدبلوماسية وفق ما نصت عليه اتفاقية «فيينا للعلاقات الدبلوماسية 1961» ومنها ما يتعلق بحماية الدبلوماسيين، وأرى أن مثل هذه التدابير والتخطيطات التي تقوم بها إيران يجب أن توثق وترفع كتقرير للأمم المتحدة يضم كافة الأدلة والبراهين الثابتة على هذه الجمهورية التي لم تراعِ المواثيق والمعاهدات فلا بد من وضع حد لإرهابها.