لو أردنا سرد ما يعانيه الأطباء في البحرين لاحتجنا إلى عشرات الصحف لنقل وتدوين وتوثيق معاناتهم اليومية على الصعيد المهني، فحين يشتكي بعض المواطنين من سوء بعض الخدمات الصحية والطبية المقدمة لهم داخل مجمع السلمانية الطبي أو حتى بعض المراكز الصحية سنقول لهم بالفم المليان إن وزارة الصحة هي المسؤولة عن تردي تلكم الخدمات وليس الأطباء، فما يعانيه الأطباء من سوء المعاملة من طرف الوزارة يؤدي بالنتيجة إلى أن يكون التطبيب عندنا سيء للغاية.
لا نعرف من أين نبدأ فيما يخص معاناة الطبيب البحريني، فـ«السلمانية» تجبر الأطباء على الدوام ساعات إضافية أو ما يسمى اليوم «بالكولات» بطريقة تستنزف الطبيب وترهقه، فالطبيب يطلب منه العمل مجبراً حتى ولو كان دوامه الإضافي في اليوم الذي يصادف فيه إجازة العيد أو أن تكون «الكولات» التي لا يفصل بين بعضها البعض سوى يوم أو يومين، وحين يهرول الأطباء الذين جرجرتهم «السلمانية» من أجل الدوام يوم العيد الفائت - على سبيل المثال - لأجل استلام مستحقاتهم المالية، فيدخلون من قسم إلى قسم ومن مسؤول إلى مسؤول ويكتبون مكاتيبهم الرسمية لاستلام تلكم المستحقات، فإن الوزارة «تعمل نفسها ميتة».
أطباء «العرب بورد» يعملون كالنحل دون توقف داخل مجمع السلمانية الطبي وهم رهن إشارة المسؤول للحضور وقت ما يرغب أو الجلوس لساعات أخرى بعد انتهاء الدوام دون أي مستحقات مالية نظير هذه الساعات الإضافية، وحين يريدون أن يتنفسوا ولو للحظات من أجل المذاكرة للامتحان القادم فإن الأبواب تغلق في وجوههم، وسيكون رد قسم التدريب والذي يعتبر من أسوأ أقسام الوزارة على الإطلاق بأن هؤلاء المتدربين عليهم السمع والطاعة وتقبل الضغط والغلط وسوء المعاملة وكل شيء!
وبما أننا نتحدث عن قسم التدريب سيء الصيت، أحببنا أن يرشدنا المسؤولين فيه إلى طريقة وطبيعة الامتحانات التي يقدمونها الأطباء المتدربون، وهل صحيح ما رواه لنا بعض أطباء «العيون» قبل فترة وجيزة من الزمن أن تحديد موعد الامتحان كان مفاجئاً للغاية، إضافة إلى أن غالبية أسئلة ذلك الامتحان كانت تعجيزية والتي تم نسخها من الإنترنت وليس من جهد الطبيب الممتحن، مما حدا قسم التدريب لإلغاء هذا الامتحان.
أطباء استشاريون لا يعملون بشكل منتظم ويرمون كل الجهد والعمل على كاهل الأطباء المتدربين الجدد بحجة أنهم يجب أن يستفيدوا ويتعلموا من الاستشاري طريقة العمل الصحيحة في الوقت الذي لا يعرف هذا الاستشاري حتى أسماء الأطباء الذين يعملون معه، بل يروي لنا بعض الأطباء أن غالبية الاستشاريين لا يقومون بتدريبهم ولو لدقيقة واحدة، وفوق كل هذا الانفلات الأخلاقي في العمل، فإن الجهد الذي يقدمه هؤلاء الأطباء يسجل رسمياً باسم الطبيب الأعلى منهم رتبة أو باسم الاستشاري، وهذا سرقة واضحة لجهود الأطباء «الجونيور».
إذا لم تتدارك وزارة الصحة مثل هذه المشاكل فتتابع ملف الأطباء بصورة عادلة فإن الوضع الصحي في البحرين سوف يصل إلى مرحلة في غاية السوء، ومن هنا نناشد وزيرة الصحة أن تتدخل شخصياً لمعالجة ما يمكن معالجته من مشاكل وصلت الحلقوم وفاحت رائحتها حتى وصلت كل أرجاء وزارة الصحة وللكثير من الإعلاميين، فالوقت أثمن من أن ندخل في نفق المجاملات. وأخيراً سنقول لكم هنا وقبل الختام «عطو الأطباء فلوسهم».