لأجل تطوير الخدمات الرسمية في مؤسسات الدولة، لا بد أن تكون هنالك مراقبة واضحة من طرف مجلس الوزراء على أداء العاملين في كافة هذه المؤسسات، ولا بد أن تكون هناك رقابة لصيقة ودائمة لعمل الموظفين فيها، إذ من الطبيعي أن يكون هناك تراخٍ في عمل الموظف الحكومي حين يشعر بعدم وجود متابعة أو مراقبة من طرف الجهات العليا لعمله، ولهذا تجده يحاول قدر المستطاع ألا يقدم الجهد المطلوب منه إلا من خلال المتابعة، وفي حال غاب هذا العنصر المهم في أجواء عمله فإنه يهرب من تحمل كامل المسؤولية الملقاة على عاتقه.
هناك عمالة فائضة في الكثير من مؤسسات الدولة، وهذه البطالة المقنعة تعرفها وتدرك حجمها حين تتأخر معاملات المواطنين في مؤسسة تحتوي على مئات بل آلاف من الموظفين الذين لا يرغبون في العمل الجاد أو أنهم يبذلون أقل جهد ممكن في سبيل إنجاز معاملات المواطنين. يستطيع أي مسؤول رفيع أن يقوم بجولة مفاجئة أو غير متوقعة لأية مؤسسة من تلكم المؤسسات الخاملة ليكتشف حجم ضعف الأداء فيها وهروب العاملين من المسؤوليات الملقاة على عاتقهم، فلربما هناك بعض المعاملات التي يحتاج إنجازها لساعة واحدة فقط، لكن وبسبب كسل الموظف المعني قد تستغرق أشهراً من أجل أن تنجز، وهذا هو السر في مطالبتنا أن تكنس بعض المؤسسات الرسمية من هؤلاء الذين يستلمون رواتب نهاية الشهر لكن دون أن ينجزوا معاملة واحدة.
موظفون خارج نطاق التغطية في كثير من مؤسسات الدولة، لا معنى لتكدسهم في مكاتب ومدارس ومؤسسات حكومية، فإما أن يعملوا أو يسرحوا لإعطاء المجال الرحب لآلاف العاطلين عن العمل من حملة الشهادات الجامعية من الطاقات الشابة، فحين تعاني مؤسسات تعليمية حكومية -على سبيل المثال- من اختناق شديد من جماعات «البطالة المقنعة» هناك في المقابل مئات الكوادر البحرينية في مجال التعليم تحتاجهم مدارسنا الحكومية لكن دون جدوى في توظيفهم بصورة جادة. إذاً، هنالك خلل في التوظيف وفي طريقته غير الشفافة، فإما أن تكون هناك جهات تعمل على توظيف أقاربها ومعارفها حتى ولو كانوا من غير أصحاب الشهادات والكفاءات، أو أن طريقة التوظيف المعمول بها في البحرين لا تجري بطريقة علمية صحيحة، وهذا الأمر من مسؤوليات ديوان الخدمة المدنية بالدرجة الأولى، وإلا لما وجدنا هذا التكدس البشري في مؤسسات حكومية ممن نطلق عليهم «بالموظفين»، وهم ليسوا كذلك، لأنهم لا يقومون بواجبهم الوطني والإنساني بالشكل اللائق والمطلوب، ومن هنا يجب إعادة النظر في ملف التوظيف، والذي يجب أن يستلم كل مهامه مجلس الوزراء الموقر لا غير، وذلك من أجل إعادة الحياة الجادة والراقية لمؤسسات الدولة وهيبتها بعيداً عن الشللية والمحسوبية والواسطة.