جاء ترشيح الرئيس عبد الفتاح السيسي باسم جمهورية مصر العربية للسفيرة والوزيرة السابقة مشيرة خطاب إلى منصب مدير عام «اليونسكو» - منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة - ترشيحاً صادف أهله، وعبر عن حسن اختيار الرئيس السيسي لإحدى الكفاءات المصرية المتميزة، لمنصب هي خير من يقوم به، وذلك للعديد من الأسباب، يكفي أن أشير لبعضها، وهي أن مشيرة خطاب كانت ولا تزال متفوقة في كل منصب تولته، وحازت على تقدير من يتعاملون معها أو يتعرفون عليها. وعلى سبيل المثال عندما كانت أول سفير لمصر في جمهورية جنوب أفريقيا بعد استقلالها وإنهاء النظام العنصري حازت على تقدير خاص من أول رئيس لجنوب أفريقيا المستقلة، وهو الزعيم نيلسون مانديلا، وبعث رسالة خاصة إلى الرئيس الأسبق حسني مبارك يشيد بالدور النشط للسفيرة مشيرة خطاب. وأثناء زيارة الرئيس مانديلا للصين، وكان السفراء الأفارقة في استقباله وكنت من بينهم، وعندما صافحت الزعيم مانديلا، وقلت له إنني سفير مصر، توقف طويلاً للتحدث معي عن مصر وحضارتها وعن سفيرتها مشيرة خطاب، وكفاءتها وحبها لوطنها وحبها لأفريقيا، وقد بعثت بذلك برقية لوزارة الخارجية في حينه. وعندما تولت مشيرة خطاب رئاسة المجلس القومي للأمومة والطفولة، وبعد ذلك تولت منصب وزيرة كانت موضع تقدير وإعجاب الكثيرين لتفانيها في العمل ولأفكارها المبتكرة والبناءة التي كانت تعمل وتطور أي مؤسسة من خلالها ومن ثم ينطبق عليها مقولة التفكير من خارج الصندوق، لمواجهة الأزمات ولإحداث التغيير الإيجابي في أي موقع تتولاه.
مشيرة خطاب حاصلة على الدكتوراه في العلوم السياسية، ومثقفة واسعة الأفق، وقد تزاملنا معاً في الجامعة وفي وزارة الخارجية، على مدى عشرات السنين، وهي ذاتها لم تتغير، وظلت حريصة على ثلاثة أمور، الأول، الاجتهاد المستمر ولهذا كانت الثانية على الدفعة التي تخرجنا معاً فيها، وأنا كنت الثالث، ثم تم تعيين المتفوقين في وزارة الخارجية، وأجرينا عدة اختبارات للتعيين كدبلوماسيين، واستمر عملنا في العديد من المواقع وفي جميع تلك المواقع كانت مشيرة متفوقة. والثاني أنها كانت ولا تزال تطور أفقها السياسي والثقافي على مر العصور، فهي دبلوماسية وهي أستاذة جامعية، وهي محاضرة ممتازة وقارئة سريعة. والثالث، أنها تتمتع بطاقة هائلة على مواصلة العمل. وهذا يذكرني بأستاذنا الدكتور بطرس غالي وطاقته الجبارة، وقدرته الفائقة على العمل المتواصل وعلى توليد الأفكار وعلى تبنيه لنا كشباب في المواقع المتعددة إثر تخرجنا من الجامعة، وكذلك بأستاذ آخر واسع الثقافة هو الدكتور حامد ربيع، وأستاذ ثالث دمث الأخلاق ومتواضع هو الدكتور إبراهيم صقر وغيرهم. هذه الطاقة وهذه المعرفة العلمية والخبرة العملية هي خير ما يؤهل مشيرة خطاب لتولي منصب قيادة اليونسكو في هذه المرحلة المتغيرة من تاريخ العالم وثقافته، وهي مرحلة تتميز بصراع الحضارات بدلاً من تحالفها أو تعاونها ومشيرة قادرة على تطوير الفكر العملي لـ «اليونسكو».
لقد حظي ترشيح مشيرة خطاب بتأييد كبير من القيادة المصرية ممثلة في الرئيس السيسي ورئيس الوزراء ووزير الخارجية وكثير من المثقفين والدبلوماسيين، كما حظي بتأييد دول عربية وأفريقية وآسيوية وأوروبية. كما لمست من خلال عملي في مملكة البحرين كخبير في الدراسات الاستراتيجية الدولية، ثم كمستشار سياسي بوزارة خارجية المملكة، من عدد من السفراء وممن تعاملوا أو تعرفوا على مشيرة خطاب من المثقفين في مواقع عديدة تقديرهم لها. ولكن الأهم وهو ما أعتبره وساماً على صدر مشيرة خطاب هو استقبال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لها وتقديمها لجلالته رسالة مكتوبة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكان استقبالاً مهماً حضره وزير الديوان الملكي ووزير الخارجية ووزير المتابعة بالديوان وسفيرة مصر في البحرين. وقد عبر البيان الذي صدر عن جلالة الملك بعد اللقاء عن ثلاثة أمور، أولها حب عميق لمصر وشعبها وقياداتها، والثاني تقدير خاص للرئيس عبد الفتاح السيسي وعلاقته بالبحرين ودول الخليج، وحرصه على أمنها وسلامتها. وثالثها، الإشادة بمشيرة خطاب، وأنها خير من يتولى رئاسة «اليونسكو» لما لديها من كفاءة وعلم وخبرة. وقد برزت الإشادة بمشيرة خطاب في لقاءات معالي الشيخ خالد وزير الخارجية والشيخة مي رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار، والدكتور ماجد النعيمي وزير التربية والتعليم. وهذه الشخصيات من المحبين لمصر والمؤيدين لدورها القومي العربي.
وفي الختام أقول إنني كمواطن مصري وعربي وإفريقي أتمنى لها التوفيق وإنني على ثقة من أنها ستكرس خبرتها وعلمها لخدمة الثقافة والتعليم والتراث وتقديم الأفكار البناءة التي تترك لها بصمات على أنشطة «اليونسكو»، وبذلك لن تكون مشيرة فخراً لمصر فحسب بل للأمتين العربية والإسلامية وللحضارة الأفريقية التي تنتمي إليها مصر، حضارة النيل الخالد منذ فجر التاريخ، وعبقرية شعبها صاحب أكبر مخزون من التراث الحضاري والثقافي.