الاستمرار في الأعمال والحركات الصبيانية يضر بالحراك ويسيء إلى «المعارضة» المتمثلة في الجمعيات السياسية. هذه حقيقة لا بد من إدراكها جيداً والاتفاق عليها، فليس بهكذا ممارسات يمكن الوصول إلى ما يسعى الناس إلى الوصول إليه، وليس بهكذا أفعال يمكن تحقيق المكاسب، وليس بكل هذا يمكن للحكومة أن تستجيب للمطالب أياً كان نوعها، فالحكومة، أي حكومة، تنظر إلى هذه الممارسات على أنها أعمال فوضى وتخريب تستدعي المواجهة ووضع حد لها.
اختطاف الشوارع وإشعال النار في إطارات السيارات وإرباك حياة الناس وتعطيلها لا يعود إلا بالضرر على «المعارضة» ولا يسيء إلا إليها وإلى الحراك، والخروج في مجموعات صغيرة يومياً واعتبار ذلك مظاهرات ومسيرات لا يعود بالضرر والإساءة إلا على «المعارضة» والحراك، ورفع الشعارات التي كلها سباب وشتائم وصراخ لا يؤدي إلا إلى ذلك الضرر وتلك الإساءة إلى «المعارضة» وإلى الحراك، والنتيجة نفسها تأتي مع الأفعال الصبيانية الأخرى المتمثلة في نقش بعض الأسماء على الأرض بغرض الإهانة. كل هذه الممارسات لا يمكن أن يقوم بها إلا جاهل بدور «المعارضة» والغاية من الحراك وتاريخه، فليس بمثل هذه الأساليب يمكن تحقيق المكاسب والوصول إلى «النصر المؤزر».
التوقف عن كل هذه الممارسات قرار مهم ينتظر حكيماً من «المعارضة» ليصدر عنه، من دونه ستستمر في التخبط وستزداد ضعفاً، وستظل بعيدة عن القبول للدخول في أي حوار حتى لو لم يكن رسمياً، فمن يقبل بمثل هذه الممارسات أو يسكت عنها تحت أي ذريعة لا يمكن للحكومة أن تقبل به أو تتواصل معه، إذ كيف للحكومة أن تتواصل مع من يؤيد - بسكوته - أولئك الذين يمارسون تلك الأعمال الصبيانية؟
اتخاذ قرار بالتوقف عن كل هذه الممارسات خطوة مهمة من شأنها أن تفتح الباب على تفاهم يمكن أن ينمو سريعاً وينتج حلاً، وعدم اتخاذ قرار بالتوقف عن هذه الممارسات يعني اتخاذ «المعارضة» قراراً بالاستمرار في الطريق غير المفضي إلى مفيد ويعني أنها لا تزال غير مؤهلة لتشارك في عملية الخروج من المشكلة.
من يريد التوصل إلى حل للمشكلة وتحقيق المكاسب وإنصاف الناس لا بد له من الانتقال سريعاً إلى المرحلة التي يسهل على الحكومة والآخرين فيها وصفه بالعاقل والحكيم ويقبلون من ثم التواصل معه، فما يتم ممارسته حالياً من أعمال تخريب وفوضى لا يدخل في باب العقل والحكمة ويضعف «المعارضة» ويقلل من شأنها حتى في عيون المتحمسين لها والمؤيدين والداعمين في الداخل والخارج.
الاستمرار في هذا الأسلوب سيوصل حتى المنظمات الحقوقية الدولية إلى مرحلة تفقد فيها مبررات دعمها لـ «المعارضة» وتأييدها لها في كل الأحوال، حيث ستحرج ولن تتوفر على إجابات مقنعة لمن يسألها عن سبب تعاطفها مع من تثبت ممارساتهم أنهم مخربون وفوضويون.
العالم يتعاطف مع أصحاب الحق والمظلومين، والاستمرار في تلك الممارسات من شأنه أن ينزع عن «المعارضة» صفة أصحاب الحق ولا يمكن إدراجها في قائمة المظلومين، فتخسر بذلك التعاطف والتأييد والدعم، فالعالم – أفراداً ومؤسسات ومنظمات حقوقية – لا يستطيع الدفاع عمن يمارس أعمال التخريب تلك من دون توقف ومن دون مبرر وعمن يرفض كل الحلول غير التي تسيطر على تفكيره.
الممارسات الصبيانية التي لا يزال البعض يمارسها تحرج «المعارضة» وتضعفها وتدفع المتعاطفين معها والمؤيدين لها إلى اتخاذ موقف سالب منها ولن يطول الوقت حتى ينفضوا من حولها، لذا فإن الأفضل لها أن تمنع أولئك من الاستمرار في تلك الممارسات أو تتخذ منهم موقفاً واضحاً لأن السكوت يعني أنها تؤيدهم وتشد على أيديهم، وهذا يسيء إليها ويخسرها الكثير.