هل التعبير عن الرأي السياسي في البحرين ممنوع؟ وهل فعلاً يتم إيداع من يعبر عن رأيه السياسي السجن؟ سؤالان جوابهما إما بالإيجاب أو النفي . أما «المعارضة» فمهتمة بالترويج لقصة أن هذا الأمر ممنوع في البحرين وأنه يؤدي بمن يغامر بذلك إلى السجن، لكن الآخرين يرون أن هذا الجواب مبالغ فيه وأن الترويج لهذا القول إنما يراد منه الإساءة إلى الحكم.
ولكن كيف يكون التعبير عن الرأي ممنوعاً والفضائيات «السوسة» وعلى رأسها فضائية «العالم» الإيرانية تستضيف يومياً أشخاصاً من «المعارضة» من داخل البحرين ويقولون كل ما يشاؤون قوله من دون تردد ولا يتم إيداعهم السجن؟ وكيف يكون التعبير عن الرأي والموقف ممنوعاً و»المعارضة» تتواجد بقوة في كل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وتعبر عن رأيها بكل حرية في الداخل والخارج؟
هذا يعني أنه ليس صحيحاً الادعاء بأن التعبير عن الرأي في البحرين ممنوع وليس صحيحاً أن من يفعل ذلك يتم إيداعه السجن. أما ما ينتشر من أخبار عن سجن أشخاص غردوا أو عبروا عن آرائهم ومواقفهم السياسية بطريقة أو بأخرى فسره يكمن في أمر آخر هو التجاوز والإساءة إلى الآخرين، أفراداً أو مؤسسات، أو الإساءة إلى الوطن ورموزه، ما يعني أن من قام بذلك ارتكب جرماً يحاسب عليه القانون وهو أمر لا يمكن أن يدخل في باب حرية التعبير عن الرأي.
دستور مملكة البحرين يؤكد على حرية التعبير، وبما أن القانون ينظم ذلك فإن هذا يعني أن من يتم معاقبته بسبب أمور تتعلق بالتعبير إنما يكون قد خالف القانون. هناك أمر مهم ينبغي الانتباه إليه وهو أن القانون ينظم عملية التعبير عن الرأي لكنه لا يمنع الناس من التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية، أي أن من حقي كمواطن أن أعبر عن رأيي السياسي وموقفي من أي قضية شرط ألا أتجاوز بذلك القانون، حيث القانون مثلاً يمنع سب وشتم الآخرين ولا يعتبر ذلك من ضمن النقد، فإذا قمت بهذا العمل فإنني أكون قد تجاوزت القانون وتحول الفعل إلى جرم لأنني تسببت في الإضرار بالآخرين.
في هذا الخصوص قال السيد عبد الله الغريفي في حديث له قبل أيام «إن لغة السب والقذف والتشهير هي لغة الضعفاء والمفلسين وأن من يملك أصالة الرأي وقوة الحجة لا يلجأ إلى هذه اللغة»، وقال أيضاً «إن لغة السب تشنج العلاقات وتؤجج الخلافات وتؤزم الأجواء وتغذي الأحقاد والعداوات وربما قادت إلى المواجهات والصدامات»، ورأى أن الأفضل من ذلك والأصوب هو «الكلمة اللينة التي تفتح القلوب وتلج العقول وتخفف من التشنجات والتوترات والصراعات وتزرع المحبة والتآلف والتقارب».
رسالة السيد الغريفي في هذا الخصوص واضحة وأحسبه نقداً مباشراً لأولئك الذين يفهمون حرية الرأي والتعبير على أنها رخصة للسب والقذف والتشهير، ولهذا اهتم بالتأكيد على أهمية استخدام الكلمة اللينة التي ينتج عنها كسب الآخر المختلف معه.
أولئك الذين صدرت في حقهم الأحكام بالسجن بسبب ما قيل إنها تغريدات أو تصريحات أو كتابات ما كانت لتصدر لو أنهم التزموا القانون ولم يستغلوا أدوات التعبير تلك بطريقة تسيء إلى الآخرين. لو التزموا بالقانون ولم يتجاوزوا على الآخرين ولم يسيئوا فهم حرية التعبير لما كان هذا مصيرهم. وهذا أمر سائد في كل دول العالم بما فيها تلك الدول التي تعتبرها «المعارضة» نماذج وأمثلة لحرية الرأي والتعبير.
التعبير عن الرأي في البحرين ليس من الممنوعات ولا يأخذ صاحبه إلى السجن. الإساءة إلى الآخرين من باب الحريات هو الممنوع وهو الذي يأخذ صاحبه إلى حيث العقوبة.