تجلت الحكمة بقوة يوم أمس في مجلس صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه، فما صدر عن «الجبل الشامخ» الذي تعتز به البحرين قيادة وشعباً، درس بالغ لا يصدر إلا عن قامة الكبار.
المدرسة الإدارية المتمثلة بسمو الأمير تتجلى في كل مجلس ومحفل يتكلم فيه سموه مخاطباً البحرينيين من قلبه، رجل يعرف صالح بلاده ورجل همه الأول وحدة الخليج العربي وأمة العرب والإسلام.
لا يريد خليفة بن سلمان من الناس والصحافة والمسؤولين أية مجاملات أو إطراء، فلا إطراء أصلاً يوفيه قدره، هو يريد منهم المساعدة والعون لتقوية عمل الحكومة، يريد منهم النقد البناء، والنصح والإسناد الوطني الصحيح.
أسد في مواقفه وكلامه، ورغم ذلك بدأ حديثه أمس بقوله «أناشدكم»، كلمة نستغرب أن تصدر من رجل بقوة وخبرة وحنكة خليفة بن سلمان، رجل تعودنا أن يناشده الناس، فكيف يكون الحال ونراه هو مناشداً للناس؟!
الحب والحرص والقلق على الناس، هو ما يدفع قادته لمناشدتهم بأن يتوخوا الحذر، لمناشدتهم بأن يطوقوا بلادهم بأطواق الوطنية والإخلاص والشجاعة، رجل يريد من الناس أن تنتبه، ألا تغرهم الحياة بمختلف تقلباتها، وألا تشغلهم الدنيا بأمورها العديدة وتحرف أعينهم عن القضية الأهم، ألا وهي أوطانهم.
جرعات الوطنية، والتذكير بالواجب المقدس تجاه البحرين، نجدها دائماً في كلام خليفة بن سلمان، إن وصل بك الحال لوضع ركود أو تراخٍ، فإن الاستماع لأسد البحرين يبعث فيك الغيرة على الوطن، يغذي فيك الحماس، يذكرك بواجبك، وأنك بحريني مخلص تجاه تراب هذه الأرض الطاهرة وتجاه قيادتك، وعليك مسؤولية لحماية البحرين ومشروع جلالة الملك الإصلاحي.
وعليه ناشد الأمير خليفة شعب البحرين المخلص وشعوب الخليج العربي الشقيقة الحذر ممن يريد أن يضرب وحدتهم، وممن يهدد أمن بلادهم، وممن يريد زرع بذور الفتنة والشقاق في المجتمعات.
خليفة بن سلمان رجل يبحث عن وحدة الموقف، نبضه يتحرك بقوة تجاه التقارب العربي والخليجي وتلاحمه، يشخص لك الموقف والمشهد بحنكة رجل خبير، هو ديدنه الذي جعل قامات كبيرة وعديدة في العالم تشيد له بذكائه السياسي وحصافته.
قلت لسموه أمس خلال تشرفي بالحديث معه، بأن الإشادة الأخيرة من الرئيس التركي لحنكته وذكائه، ما هي إلا شهادة أخرى تضاف لشهادات رجال يعرفون قيمة الرجال الحقيقيين، يعرفون قيمة القادة الذين يحفظون أمن أوطانهم، ويقوون عزم شعوبهم.
خليفة بن سلمان يقول لكم كونوا متيقظين، فما مرت به المنطقة لا بد وأن نخرج منه بالعبر والدروس، ومحاولة اختطاف الأوطان لن تنتهي، طالما هناك ثغرات يدخل منها الكاره والحاقد والطامع.
ولأن البحرين جزء من امتداد خليجي عربي لا تشابه أية امتدادات، فإن وصايا الأمير خليفة باتجاه تقوية هذا الامتداد، وتعزيز تلاحمه، أمر لا يمكن أن يتركه دون تذكير، خاصة ونحن مقبلون على موسم الحج الذي فيه مسؤوليات كبيرة على الشقيقة الغالية المملكة العربية السعودية وقيادتها في خدمة بيت الله وحجاجه.
أميرنا الشهم في علاقته مع الأشقاء والأصدقاء الذين لهم مواقف لا تنسى مع البحرين دعا حجاج البيت من البحرينيين لأن يكونوا جنوداً في حماية المقدسات في الحرمين الشريفين، أن يكونوا ملتزمين بالقوانين والأنظمة ليكونوا عنصراً مساعداً للجهود السعودية المبذولة لإنجاح موسم الحج.
هذه الدعوة توضح لك أبعاد التفكير القيادي، فمثل خليفة بن سلمان حريص أن يكون كل بحريني سفير خير وسلام ومحبة خارج بلاده، فما بالكم في بيت الله الحرام، الحرص هنا أكبر على أن يكون البحريني واقفاً بقوة إلى جانب أشقائه في السعودية وأشقائه الخليجيين وإخوانه في العروبة والإسلام، فالكارهون الذين كشفوا وجوههم مبكراً، واضح أن همهم الأول استهداف السعودية، وتشويه صورتها، وهم بإذن الله عاجزون في كيدهم ومكرهم، طالما الوحدة الخليجية والعربية والإسلامية يتم تقويتها، ويتم رصها في صفوف متلاحمة في وجه أصحاب الشر. ضالة الإنسان دائماً هي الحكمة، وفي مجلس قلب البحرين النابض خليفة بن سلمان نجد دائماً ضالتنا الوطنية، نجدد فيه مبادئنا الوطنية الراسخة وندرك أكثر بأن البحرين لا بد وأن تكون همنا الأوحد أولاً وأخيراً.