وصلني تعليق من أحد الأصدقاء المقربين، فحواه أن مقالاتي حادة، وكلها أخبار سلبية، تدعو للهم والغم، وقد أوضح لي هذا الصديق أن الناس بحاجة إلى الأمل، أكثر مما هــم بحاجة لتسليط الضوء على المشاكل التي ينوء تحت وزرها العالم العربي.
نعم ففي وسط المأساة السورية، والحرب في اليمن، والمشاكل التي تعم العالم العربي، والوضع الاقتصادي المتردي، بسبب انخفاض سعر النفط، نحن بحاجة للأمل أكثر من أي وقت مضى، وبالرغم من أنه علينا أن نكون واعين للمخاطر المحدقة بوطننا العربي، وعلينا ألا ندير ظهرنا لمشاكلنا، فإن جرعة من الأمل ستساعدنا على مواجهة محننا بشكل أفضل.
ما أريد أن أكتب عنه في هذا المقال هو الإنجاز غير المسبوق للوطن العربي، فالبلدان العربية رجعت من أولمبياد ريو دي جانيرو في البرازيل بـ14 ميدالية متنوعة، وهذه أكثر مرة يحصد فيها العالم العربي هذا العدد من الميداليات، وذلك دليل على أنه بالرغم من أن الشباب اليوم مستهدف من قبل الجماعات المتطرفة وهو يعاني من بطالة ومن تدهور المستوى التعليمي بسبب الأزمات التي تعصف بالعالم العربي، إلا أنه يبدو أن هناك بادرة أمل سوف تبعث في نفوس شبابنا. ولعل ما أسعدني حصول هداية وهبة لاعبة التايكوندو المصرية المحجبة على الميدالية البرونزية في أولمبياد ريو، وهو أبرز رد على موجة العنصرية التي تواجه المسلمين في العالم الغربي، وإحدى نتائجها الحديث عن منع السيدات المحجبات من ارتياد الشواطئ في فرنسا، اليوم حين تحصل هداية وهبة على ميدالية في الألعاب الأولمبية فهي ترفع رأس المرأة المسلمة، وتشعرها بالفخر، وتبرهن أن الحجاب لا يقلل من قدر المرأة، ولا يحط من شأنها، كما يحلو للعنصريين أن يزعموا. وبالرغم من أن الأخبار المحلية أو بالأحرى المصائب المحلية والإقليمية قد ضاع بينها الحديث عن الرياضة وعن الألعاب الأولمبية، فقلما تصادف شخصاً يعرف أسماء الفائزين في الألعاب الأولمبية أو في أي رياضات ربحوا ميدالياتهم، وأظن أن الإعلام العربي يجب أن يعطي مساحة أكبر لهؤلاء الأبطال لأن هؤلاء مثال يحتذى به لجيل من الشباب يواجه الاكتئاب والإحباط. فحين نتكلم عن اللاجئين الذين يبتلعهم البحر، وهم يحاولون الوصول إلى بر الأمان، يجب ألا ننسى يسرى مارديني اللاجئة السورية ذات الـ18 ربيعاً التي سبحت في البحر لمدة 3 ساعات منقذة قارباً كاد يغرق فيه 20 لاجئاً. اليوم يسرى تعيش في برلين، وهي ذهبت إلى ريو للتنافس في فئة السيدات لسباق مائة متر في السباحة. وقد قالت يسرى مارديني في حوارها مع صحيفة «الإندبندنت» البريطانية إن «الظروف صعبة، وأنا لا ألوم أحداً إن بكى، ولكن يجب المضي قدماً، وعدم الاستسلام»، كم نحن بحاجة لأشخاص مثل يسرى ومثل هداية لكي نبعث الأمل في نفوس شبابنا اليوم.