هنا خبر يستحق أن يؤخذ كمثال، ملخصه أن ما يسمى بـ «ائتلاف فبراير» نظم أخيراً مهرجاناً خطابياً بالتعاون مع «كشافة الولاية» في منطقة السيدة زينب للتضامن مع أبناء كفريا والفوعا السوريتين.. والدراز»، زاعماً أنها «كلها تعاني من نفس الظروف التي اختار لها مفردة «الحصار»». في المهرجان رفعت صور كثيرة من بينها لوحة حملت صوراً لمجموعة من أصحاب العمائم من المحكومين والموقوفين بغية الشحن والزعم أن «الشيعة في البحرين محاصرون ويعانون، وأن ما يجري فيها ليس إلا «حرباً» تشنها الحكومة السنية على الشيعة والمذهب الجعفري»، أي أن الأمر يستدعي المناصرة والدعم. ولهذا جاءت كل التصريحات التي أدلى بها من تم اختياره للتحدث للفضائيات «السوسة» أثناء انعقاد المهرجان مؤكدة أهمية المناصرة والدعم.. والترابط بين «البلدين» والقول إن «العدو» واحد و»النصر آت» ولا بد من التضامن والوقوف معاً، فالمصير مشترك!
وبعيداً عن زعم بعض المتحدثين لتلك الفضائيات بأن ما يجري في «البلدات» الثلاث يشبه ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه من قبل قريش، وإن الله سبحانه وتعالى سينصر هؤلاء مثلما نصر النبي عليه الصلاة والسلام، بعيداً عن هذا التشبيه غير الموفق لا بد من التساؤل عن كيفية الدعم الذي طالب به المتحدثون في المهرجان الخطابي وأكدوا أهميته، فما هو ذلك الدعم؟
بالتأكيد لم يكن المطلوب من مثل هذا الجهد الحصول على تصريحات للفضائيات فقط، ونشر أخبار عن المهرجان فهذا هدف ضئيل قيمته محدودة. الهدف كان التشهير بالبحرين وتوصيل رسالة تدعو إلى التضامن مع الطائفة وإلى توفير الدعم المطلوب والذي لا يخرج عن ثلاثة، المال والسلاح والتدريب على السلاح.
من الطبيعي أن ينكر «الائتلاف» مثل هذا الأمر، وينكره كل متعاطف معه، وداعم، وساكت عن مثل هذا التصرف، لكن الواقع أمره مختلف ويؤكد أن ما ينتشر من حديث عن كل ذلك حقيقة وليس من «خيال النظام» كما يحلو للبعض قوله دائماً، فما يتم ترويجه وبقوة هو هذا بالضبط.
هذا التحشيد في سوريا ولبنان والعراق وإيران وغيرها خطير وينذر بتحويل البحرين إلى سوريا جديدة وعراق جديد، وبتحويل ما خرج المواطنون هنا من أجله قبل خمس سنوات ونيف من مطالب لتحسين المعيشة والإصلاح إلى صراع طائفي ملخصه أن السلطة تريد تفريغ البحرين من المواطنين الشيعة والتخلص من المذهب الجعفري وإلى الأبد وأن الشقيقة الكبرى هي التي تقف وراء ذلك.
هنا يأتي دور الغيورين على هذا الوطن ليؤكدوا أن هذا غير صحيح، وليقفوا في وجه كل من يقول به ويدعيه، فما خرج المواطنون من أجله مختلف تماماً، وكان بسيطاً مثلهم، بل لم يدر في خلدهم لحظة أن الأمور ستتطور بهذا الشكل السالب ويتم لي عنق المطالب لتتحول إلى مطالب طائفية وإلى القول بأن المملكة تريد السوء بأبنائها المنتمين إلى مذهب بعينه.
لا علاقة لما يجري في البحرين بما يجري في سوريا والعراق وغيرهما، لذا فإن الربط الذي سعوا إليه في غير محله ويؤكد أن علاقة غير عادية تربط هذا «الائتلاف» بـ «ائتلافات» أخرى تتفق معها في الأهداف والغايات وأنها كلها تحظى بدعم إعلامي واحد صار العالم كله يعرف مصدره، ويعرف الغرض منه.
كان أحد المتابعين للشأن المحلي قد أرسل لي قبل يومين رسالة جاء فيها «ألم تسمع عن مركز القيادة الإيرانية في سوريا القريب من دمشق؟ إنه يضم بالإضافة إلى القيادة العسكرية للميليشيات قسم رئيس للإعلام وبث الإشاعات والأكاذيب».
معلومة ليست جديدة لكن ينطبق عليها المثل العربي الشهير «قطعت جهيزة قول كل خطيب».