مع دخول شهر ذي الحجة، زادت إيران من وتيرة هجومها على المملكة العربية السعودية إلى الحد الذي صار فيها الخبر عنها وعن الحج هذا العام يتصدر النشرة الإخبارية ويستغرق ثلثي زمنها في فضائية «العالم» والفضائيات «السوسة» التابعة لها والممولة من إيران، والتي أعدت أيضاً برامج سياسية بغية تأليب العالم الإسلامي ضد الشقيقة الكبرى ونشر الزعم بأنها «غير مؤهلة» لإدارة شؤون الحرمين الشريفين، وأنه صار لزاما التفكير في «حل لإدارتها للحرمين بسبب سلوكها حيال الحجاج» كما دعا المرشد الإيراني علي خامنئي في بيان نشر على موقعه الإلكتروني ونشرته أيضاً وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. أما السبب فمعروف وهو الخلاف الذي أدى إلى عدم تمكن الحجاج الإيرانيين هذا العام من أداء مناسك الحج واتهام إيران للسعودية بأنها وضعت العراقيل لمنعهم من أداء المناسك .
طبعا إيران ما كانت ستتوقف عن مهاجمة السعودية في موسم الحج، حتى لو لم تحدث تلك المشكلة وحتى لو تم حل كل مشكلة عالقة بين البلدين، والسبب هو أن إيران تسعى إلى أمر آخر هو بالتحديد المشاركة في الإشراف على إدارة الحرمين الشريفين وصولاً إلى الانفراد بها، وهو ما صرح به مسؤولون إيرانيون في العديد من المناسبات وأكده خامنئي في كلمته المشار إليها هنا، وهو ما صار الموضوع الأبرز الذي يطرحه المهووسون بإيران في وسائل التواصل الاجتماعي.
المثير أن إيران تتهم السعودية بتسييس الحج، ولا تنتبه إلى أنها بتصريحاتها وأفعالها هذه تقوم هي بتسييس الحج وتوظيفه للإساءة إلى السعودية، ولم تنتبه أيضا إلى أن حجاجها في كل عام يعملون على تسييس الحج بقيامهم بأعمال ليست من ضمن المناسك مثل «مسيرة البراءة» والتي يتسببون بها في نشر الفوضى وإرباك الحجيج وتعريض حياتهم للخطر.
في نشراتها الإخبارية وبرامجها تلك تستضيف الفضائيات «السوسة» وعلى رأسها فضائية «العالم» حالياً في كل يوم العديد من الأشخاص من العديد من البلدان لا يقولون إلا شيئين، الأول هو أن إيران هي المؤهلة لإدارة الحرمين الشريفين، وإنه ينبغي من العالم الإسلامي أن يعمل على تمكينها من هذا الأمر، والا يكون مقصراً في حق الإسلام، والثاني هو أن السعودية لا تصلح للقيام بهذه المهمة.
هي اللعبة نفسها التي لعبتها إيران مع البحرين ولا تزال، تمارسها اليوم بقوة مع السعودية، حيث وظفت ماكينتها الإعلامية للإساءة إليها وللظهور بمظهر المنقذ للمظلومين، والزعم انه إن أراد العالم الإسلامي أن يصير إسلامياً حقاً فليس عليه سوى تسليم «الخيط والمخيط» لإيران «الحريصة على الدين، والمنتصرة لكل مظلوم، والعارفة بكل حق، والقائمة بكل واجب!
في كل الأحوال لن تتمكن إيران من تحقيق أي مكسب من كل هذا الذي تقوم به ضد الشقيقة الكبرى، فالعالم صار يعرف ألاعيبها ومراميها، وصار يدرك أنها إنما تعمل كل شيء بغية السيطرة على المنطقة وللإنتقام من السعودية التي ألقمتها أكثر من حجر في سوريا والعراق واليمن والبحرين وجعلتها تحدث نفسها والجدران.
ليس الناس بالسذاجة التي يتوقعها حكام إيران وليسوا أغبياء لتنطلي عليهم حيلهم وألاعيبهم، وليس من عاقل يوافق على الزعم بأن السعودية مقصرة في تنظيم موسم الحج أو أنها دون القدرة على إدارة الحرمين الشريفين، فما تقدمه السعودية في هذا الخصوص كل عام يدهش كل منصف ويؤكد حرصها على تطوير خدماتها وتوظيف كل جديد يعزز هذا الأمر. أما الاحتجاج بوقوع حوادث في بعض المواسم السابقة فلا قيمة له لأن الحديث هنا عن فعالية يشارك فيها الملايين ينتمون إلى ثقافات متعددة ويؤدون مناسك واحدة في وقت واحد وفي مكان واحد.
بعض المذمات شهادات بالكمال.