طبعاً لو أصيب في موسم حج هذا العام حاج واحد بـ «شمخ» بسيط فهذا يعني أن السعودية – من وجهة نظر إيران – لا تستحق أكثر من صفر على عشرة فيما يخص تنظيم الحج، وتقييمها النهائي لها هو أنها مقصرة في حق الحجيج ولا تمتلك الخبرة الكافية التي تؤهلها لإدارة مثل هذه «الفعالية»! طالما أن الإيرانيين لم يحجوا هذا العام فهذا يعني أن كل ما تقوم به السعودية وما تقدمه من خدمات في موسم الحج لا قيمة له ويعتبر تقصيرا.
واقع الحال يؤكد أن الحكومة الإيرانية وظفت كل طاقاتها وخبراتها لرصد أي خلل أو خطأ يحدث في حج هذا العام ليتوفر لها سبب إضافي لمهاجمة السعودية، ولعلها تتمنى أن يحدث ما لا يتمناه أحد في يوم العيد تحديداً لتعزز به موقفها ورأيها ويشفي غليلها، بل هي للأسف تتمنى ذلك، فمثل هذا الأمر يجعلها تشعر بطعم العيد بشكل أفضل.
إيران تعتبر كل هفوة تحدث في عملية تنظيم موسم حج هذا العام إخفاقاً للسعودية وانتصاراً لها يستدعي الفرح، وتعتبر وفاة كل حاج حتى لو كان إيرانياً – حيث أعطت السعودية تأشيرات للإيرانيين المقيمين خارج إيران من الراغبين في أداء مناسك الحج – هدية من السماء ودليلاً على صحة وجهة نظرها.
مؤلم أن يأتي هذا من دولة «إسلامية» يفترض أن تكون سبباً في إنجاح هذه العبادة، ومؤلم قبل هذا إصرارها على فرض شروط معينة أدت إلى حدوث المشكلة التي حرمت حجاجها من أداء مناسك حج هذا العام، حيث سعت إلى خلط الدين بالسياسة وإلى استغلال موسم الحج لخدمة أغراضها السياسية عبر الإصرار على قيام حجاجها بالتظاهر في مكان وزمان التظاهر فيه يمكن أن يعرض ضيوف الرحمن للخطر.
مؤلم أن يسيطر هكذا تفكير على بلاد تحكمها العمامة، ويدير شؤونها الملالي الذين يفترض أن يوظفوا كل قدراتهم لتمكين ضيوف الرحمن من أداء مناسك الحج بغض النظر عن علاقتها بالسعودية، حيث يفترض ألا تؤثر العلاقات بين الدول ومواقفها من بعضها البعض على هذه العبادة فنجاحها انتصار للدين الذي ترفعه شعارا.
نجاح موسم الحج ليس نجاحاً للسعودية فقط ولكنه نجاح لكل البلاد الإسلامية بما فيها إيران، ونجاح للمسلمين كافة وتأكيد على أنهم قادرون على قيادة العالم. نجاح موسم الحج رسالة مهمة للعالم وسبب لانتقال الكثيرين من الظلمات إلى النور. لهذا يفترض من إيران أن تعمل كل ما يمكنها عمله للمساهمة في إنجاح موسم الحج بدلا من السعي إلى إفشاله بغية الشماتة وتوفير سبب جديد للإساءة إلى السعودية.
الخلافات السياسية لا تنتهي وهي واردة في كل لحظة، ووارد أيضا حلها في كل لحظة، لذا ينبغي ألا تكون سببا في الإساءة إلى الإسلام الذي يفترض أن يتعاون كل المسلمين على الإعلاء من شأنه والمشاركة في نشر مبادئه والعمل على إنجاح موسم الحج لتقديمه كمثال على أهمية الدين الإسلامي وأنه منهج حياة.
استمرار إيران في سلوكها هذا وموقفها من موسم الحج يضر بالإسلام ويسيء إليها ويضعف موقفها، فمن قلبه على الدين لا يقدم على فعل ما يضر الدين ولا يفرح بحدوث أخطاء في موسم الحج ولا يستغلها ولا يوظفها لخدمة مواقفه السياسية.
نجاح السعودية في تنظيم موسم الحج نجاح لكل الدول الإسلامية ولكل المسلمين وسبب للفخر والاعتزاز، ولو كان أمر الدين يهم إيران فإن عليها أن تستغل المناسبة لحل كل مشكلة عالقة بينها وبين السعودية وليس استغلالها بغرض الإساءة إليها.
حدوث الأخطاء والحوادث في موسم الحج أمر وارد لأسباب المكان والزمان والعدد وهي ليست مقياساً للتقصير أو الفشل.