علاقة الحب بين صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، والمحرق، واضحة للجميع، فحب سموه لهذه المدينة العريقة متبادل حيث يعشق أهالي المحرق خليفة بن سلمان ويبادلونه الحب الصادق الوفير.
وفي كل زيارة تفقدية لصاحب السمو رئيس الوزراء للمحرق يأمر سموه بتحديث البنية التحتية وتطويرها، حتى باتت المحرق معلماً حضارياً فريداً على مستوى البحرين.
ولأن سموه يطمح بسعادة جميع مواطني البحرين عامة، وأهالي المحرق خاصة، أمر سموه بتنفيذ مشروع تطويري سياحي متكامل، أطلق عليه سموه، «سعادة»، لأن غايته إسعاد أهالي المحرق كون المشروع سيكون متنفساً ومعلماً جمالياً للمحرق، كما سيشكل أحد أكبر مراكز التسوق وجذب للمواطنين والزوار والسياح لهذه المدينة التي أطلق عليها حضرة صاحب الجلالة، عاهل البلاد المفدى، «أم المدن»، بالإضافة إلى أن هذا المشروع العمراني التنموي التجميلي والترفيهي يستهدف راحة المواطنين قبل أن يكون مشروعاً سياحياً ويجعل المحرق تسر من يراها وتسعد به أهلها.
مشروع «سعادة» مشروع متكامل حرص صاحب السمو على متابعته بنفسه، وقد كلف سموه القائمين على المشروع بضرورة الانتهاء من المشروع بعد 18 شهراً، وسننتظر جميعاً مرور هذه السنة والنصف بفارغ الصبر، لرؤية هذا المعلم الحضاري المتميز.
الكل يعرف حنكة خليفة بن سلمان، ويعرف أنه لا يضع يده في مشروع خاسر، بل إنه لدى سموه من الحكمة والفطنة وبعد النظر ما يؤهله لإنجاح أي مشروع كان، وأعتقد أن مشروع «سعادة» سيكون مشروعاً سياحياً متكاملاً يرجع للبحرين مكانتها السياحية التي اشتهرت بها.
شعب البحرين كان يطمح إلى واجهة بحرية متكاملة لاسيما أن البحرين «جزيرة» بل هي مجموعة من الجزر، وكم تحدثنا سلفاً عن ضرورة الاهتمام بالسواحل العامة واستغلالها بما يخدم الصالح العام والمواطن، لاسيما وأننا نرى نجاح عدد من المشاريع الخاصة التي طورت بعضاً من السواحل أو قامت بإضافة واجهة مائية اصطناعية، وشاهدنا الإقبال منقطع النظير عليها سواء من المواطنين أو من السياح. إن المواطن والسائح يطمحان إلى رؤية معالم البلد، ليس هذا وحسب، بل يطمحان إلى رؤية منتج سياحي متكامل. ولا أعتقد أن البحرين ينقصها شيء في هذا المجال، فسواحلنا موجودة، وأسواقنا الشعبية موجودة أيضاً، وإرثنا وتراثنا ممتد في كل قرى ومدن البحرين، كل ما ينقصنا هو ربط هذه المكونات ببعضها بعضاً وتزويدها بخدمات مساندة لإبراز هذه المعالم.
سوق المحرق، والمنطقة المحيطة به، والتي اهتمت بها رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد شخصياً، من أروع المناطق والمعالم السياحية في البحرين، ولكنها كانت بحاجة ماسة إلى تدخل حكومي للاستثمار فيها وإمدادها بالخدمات المساندة، من أجل أن تكون «منتجاً سياحياً متكاملاً». فهذه المنطقة تفتقر لمواقف السيارات، وتفتقر كذلك لخدمات أخرى كالتشجير، والاهتمام بالطرق والشوارع، والمشاريع السياحية الأخرى، كالمطاعم ومحلات بيع التحف التذكارية وغيرها.
ولكن أهم ركن من وجهة نظري المتواضعة والتي أتمنى أن يلتفت إليه القائمون على مشروع «سعادة»، هو إبقاء المواطنين مكانهم في هذه المنطقة وأقصد تحديداً منطقة «المحرق القديمة»، فلا يخفى على المسؤولين أن هذه المنطقة التراثية الرائعة تقطنها العمالة الأجنبية التي جعلت من هذا المكان الرائع «جسداً رائعاً دون روح».
عشت وترعرعت في هذه المنطقة، ومازلت أحمل الكثير من الذكريات الرائعة، أبسطها أنني عندما كنت أمر بهذه «الزرانيق» -الأحياء الضيقة- كنت أشم رائحة العود والبخور، وأشم رائحة هيل القهوة العربية الأصيلة، أو على أقل تقدير أشم رائحة الكبسة البحرينية، وكنت أسمع اللكنة المحرقية المميزة!! أما الآن، فأصبحت هذه المنطقة العريقة دون هوية حقيقية على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها الشيخة مي لتطوير المنطقة، بعد أن هجرها أهلها، وشغلت العمالة الأجنبية هذه البيوت والأحياء السكنية التي كانت تسكنها العائلات البحرينية العريقة.
أهل المحرق يتطلعون للسكن في بيوتهم القديمة، ولكنهم اضطروا لأن يهجروا هذه المنطقة لأنها أصبحت دون خدمات تضمن لهم حياة كريمة، ودون ضوابط لمنع سكن العمالة الأجنبية هناك، ودون ضوابط تحفظ لهذه المنطقة خصوصيتها.
شكراً يا صاحب السمو على «سعادة»، هذا المشروع الذي سيبعث السعادة على «المحرق»، وينعشها مجدداً، ويرجع سكانها إليها، ويستفيد منها كل المواطنين وسياح البلد، وعسى «السعادة» فالك وملفاك.