باستثناء بعض الحوادث البسيطة التي يمكن أن تقع في أي مناسبة تحييها مجموعات كبيرة من البشر تؤدي مناسك واحدة في وقت واحد ومكان واحد، يمكن القول إن حجاج بيت الله الحرام أنهوا يومهم الأول في منى من دون حوادث كتلك التي تنتظرها إيران وتتمنى ومن ينادي بما تنادي به حدوثها كي يتوفر لها المبرر الذي يعينها على رفع مستوى المطالبة بالمشاركة في تنظيم وإدارة شؤون الحج.. الحلم الذي لا يمكن أن يتحقق «طالما وجد آل سعود الكرام واستمروا في القيام بواجبهم الذي شرفهم به الله سبحانه وتعالى، وطالما استمر عزمهم على منع حدوث كل انحراف لمناسك الحج».
أمس الإثنين، عاش المسلمون فرحة العيد الكبير، عيد الأضحى المبارك، حيث وفق الله سبحانه وتعالى ضيوفه لأداء المناسك كما هو في كل عام، ولم يبقَ عليهم سوى القليل منها ليعودوا بعدها إلى بلدانهم سالمين غانمين مغفوري الذنوب بإذن الله. ومن تابع المقابلات التي أجراها الإعلاميون من كل البلاد مع أعداد كبيرة من الحجاج من مختلف الجنسيات للكثير من الفضائيات وتم بثها على الهواء مباشرة لا بد أنه لاحظ أن الخيط الذي جمع إجاباتهم هو ارتياحهم من مستوى الخدمات المقدمة والتي وصفوها بالمتميزة وإعجابهم بقدرة المملكة على إدارة الحشود، وتعبيرهم عن شكرهم وامتنانهم للقائمين عليها ولخادم الحرمين الشريفين وحكومته والجهات المعنية بتنظيم الحج. ولأنه من غير المعقول أن يقوم أولئك الحجاج بمجاملة السلطات السعودية كونهم محرمين، وقدموا في سبيل الله ونيل المغفرة، لذا فإن أحداً لا يمكن أن يشك في صدق أقوالهم وتعبيرهم، فالمجاملات في مثل هذا الموقف غير واردة، كما أنه كان من بينهم دون شك من لا يعجبه العجب أو يتخذ موقفاً مؤيداً لوجهة النظر الإيرانية.
كان أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل قد أكد في مؤتمر صحفي عقده في وقت مبكر أن خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود قد وجه إلى أنه «لن يُسمح أبداً بأي حادث يعكر صفو وأمن الحجاج»، وهو ما يعني أن السعودية اتخذت كل ما يلزم لتحقيق هذا الهدف، سواء فيما يخص توفير أرقى الخدمات أو منع كل من تسول له نفسه الإساءة إلى موسم الحج من القيام بأي عمل سالب وراهنت عليه، فالرسالة كانت واضحة وقوية وكانت السبب الأساس في تمكن الحجاج من أداء المناسك في يسر وسهولة وأمان.
ولكن أليس من حق السعودية بعد كل هذا الذي قدمته لموسم الحج هذا العام أن تجد كلمة شكر من أولئك الذين راهنوا على إخفاقها وتقصيرها؟ أليس من الموضوعية أن يبادر أولئك وخصوصاً إيران بكلمة إيجابية تثني على الأداء المتميز للمملكة في تنظيم الحج أو على الأقل تعترف بأنها لم تقصر ولم تخفق؟ أم أن الرضى لا يتحقق حتى مع إقرار العالم كله بالتميز والمستوى غير العادي من الخدمات لضيوف الرحمن؟
لا بأس أن يبدي من يشاء من ملاحظات على أداء السعودية قبل بدء موسم الحج، ولا بأس من النقد، فهذا علاوة على أنه حق للجميع وخصوصاً المسلمين يفيد ويعين على تدارك الأخطاء التي من الطبيعي أن يكون لها هامش في عمل بهذا الحجم، ولكن من حق السعودية على الجميع وخصوصاً من أبدى الملاحظات وانتقد أن تسمع ما يؤكد نجاحها في تنظيم الحج وإدارة الحشود في أيام معدودات وأماكن محددة، فكما أن النقد حق للأفراد والدول كذلك فإن الثناء على الأداء والاعتراف بالنجاح حق لمن قام بالتنظيم وأشرف عليه وأدار الحشود بكل اقتدار.