ورد في الخبر وليس الأثر بأن أطفال العالم في خطر. إذ أعربت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» قبل أيام عن قلقها حيال ما يقارب 50 مليون طفل تم «اقتلاعهم من جذورهم» في أنحاء العالم، بعدما أجبروا على ترك منازلهم أو بلدانهم جراء الحروب والعنف والاضطهاد. وفي نهاية عام 2015، هناك نحو 31 مليوناً من هؤلاء الأطفال أصبحوا لاجئين، ونحو 7 ملايين كانوا نازحين داخل بلدانهم. وقال المدير التنفيذي لـ«يونيسيف» أنتوني ليك في بيان للمنظمة «لقد صدم العالم بصور لن تمحى من الذاكرة لأطفال بعينهم. الجسم الصغير «لأيلان» الكردي الذي ألقته الأمواج على الشاطئ بعد غرقه في البحر، أو وجه «عمران دقنيش» الدامي يعلوه الذهول وهو جالس في سيارة إسعاف بعد تدمير منزله». وبحسب تقديرات المنظمة الأممية، «فقد نزح 28 مليون طفل من منازلهم بسبب العنف والصراع داخل الحدود وعبرها، وهم في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية والوصول إلى الخدمات الأساسية. وبالإضافة إلى أولئك، ترك نحو 20 مليوناً آخرين من الأطفال منازلهم لأسباب مختلفة، بينها الفقر المدقع أو عنف العصابات».
كل هذه الأرقام المتوحشة حول الطفولة تخرسنا، فلا كلام يقال بعد هذا الألم الكبير الذي نال الطفولة في العالم، خصوصاً في منطقتنا التي تشهد صراعات ونزاعات قاسية، حيث يكون أكثر ضحاياها هم من الأطفال. فالطفولة في خطر، ومستقبل أطفال العالم النامي بات يسير نحو المجهول، فلا شيء ولا نور في الأفق، وكل مقومات الطفولة في عالمنا المشحون بالحروب والويلات والكراهية أصبحت عرضة للسبي والنهب والفناء.
اليوم، أصبحت الدمية الشهيرة «باربي» أغلى ثمناً وأعلى مرتبة من أطفال العالم الثالث، ومذ سقط الشهيد «محمد الدرة» برصاص الغدر الصهيوني توالى سقوط آلاف الأطفال أمام كاميرات العالم دون أن يهتز لذلك ضمير البشرية، وكأن استشهاد «الدرة» بات قدراً سياسياً محتوماً وخطوة حتمية لفاتحة شؤم نحو تحطيم الطفولة في كل الأرجاء. أما حين تسلط كاميرات الإعلام عدساتها نحو طفل غارق أو نحو أطفال يعيشون داخل مخيمات للنازحين فإن قصارى ما يمكن أن يصدر من هذا العالم المنافق هو الشجب والتفاعل لساعات عابرة فقط!
الطفولة المهددة لا تحتاج لعواطف طارئة كما أنها لا تحتاج لأغانٍ وطنية ساذجة وإنما تحتاج لعمل أممي كبير وجاد، وإلى عمل جبار يحمي أطفال العالم في كل مكان وعلى وجه التحديد في منطقتنا التي بات سعر الطفل فيها أقل من سعر دمية تباع في أسواق المسلمين.