ليس صعباً تصور ما قامت به إيران يوم عيد الأضحى المبارك، حيث الأكيد أنها وزعت المسؤولين في عدة مجموعات، مجموعة تتابع ما تبثه الفضائيات على اختلافها، الإيرانية والعربية والأجنبية، ومجموعة أخرى تتابع الإذاعات على اختلافها، وثالثة تتابع مواقع التواصل الاجتماعي، ورابعة للمواقع الإلكترونية، وخامسها تتواصل مع «عيونها» في المشاعر المقدسة، في انتظار خبر عن حصول ما يعكر صفو الحج ويوفر سبباً إضافياً لمواصلة الهجمة الشرسة التي بدأت قبل ذي الحجة وستستمر، لكن الله سبحانه وتعالى خيب ظنهم وحفظ حجاج بيته الحرام من كل سوء تمنته إيران لموسم هذا الحج، حيث مر اليوم بسلام ومن دون أية حوادث تذكر، فقد كانت الخطة التي أشرف عليها خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بنفسه محكمة وتم تنفيذها بدقة، الأمر الذي نتج عنه موسم حج متميز، ومغيظ لإيران ولكل من تمنى معها أن يحدث ما يشفي غليلها وغليلهم.
لله الحمد والمنة، سارت الأمور كما هو مخطط لها، ورد الله كيد كل من تمنى السوء لموسم حج هذا العام في نحورهم وأشغلهم بأنفسهم، فكما أن الله سبحانه وتعالى يحفظ بيته فإنه يحفظ حجاج بيته أيضاً ويعين كل من يريد الخير لهم ويخدمهم. والأكيد أنه لا ينكر ما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين للحجاج إلا جاحد، ولا يتمنى لهم ولها السوء إلا من امتلأ قلبه بالأحقاد.
لا مجال هنا لاستعراض ما قدمته السعودية من خدمات لموسم حج هذا العام، فقد وفرت مختلف وسائل الإعلام السعودية والخليجية والعربية والدولية وبكل اللغات كل ما يلزم من معلومات وأشادت بالمستوى الراقي الذي ظهر عليه كل من شارك في الإعداد والتنظيم وكل من كان له دور مهما صغر في توفير الراحة للحجيج وخدمتهم.
يوم كامل ضيعته حكومة الملالي في انتظار ما يشفي غليلها ويؤكد المعلومة التي سعت إلى نشر مزاعمها، وملخصها أن «السعودية غير مؤهلة لتنظيم موسم الحج وأن كل موسم للحج تنظمه لا يخلو من منغصات وضحايا، بينما لا تقع مثل هذه الحوادث في زيارة الشيعة للمراقد المقدسة في كربلاء والنجف وقم ومشهد والتي تقوم هي بتنظيمها والإشراف عليها «رغم الأعداد المليونية» التي تشارك في تلك المناسبات».
مؤلم أن يكون هكذا تفكير دولة مسلمة فقط لأنها تمر بفترة تشهد فيها العلاقات بينها وبين الشقيقة الكبرى خلافات واختلافات في وجهات النظر، ومؤلم أن يكون هكذا مستوى «علماء دين» يرفعون شعارات إسلامية وينشرون القصص عن حرصهم على إعزاز الإسلام والارتقاء بالمسلمين.
الوضع الطبيعي هو أن تسعى إيران وملاليها إلى حل كل خلاف بينها وبين الشقيقة الكبرى وكل دول مجلس التعاون والوصول إلى توافقات معها في الأمور التي تقبل وجهات نظر عديدة، لكن أن تظل على أعصابها طوال فترة قيام حجاج بيت الله الحرام بأداء المناسك وتدعو الله ليل نهار أن يستجيب دعوتها بالسماح بحدوث مكروه لهم بغية إحراج السعودية التي تتخذ منها موقفاً فهذا يعني أن المنطقة كلها ستظل مهددة طالما بقيت مقاليد الحكم في إيران في يد أولئك الملالي الذين لا يرون الصح إلا فيما يفعلون، ولا يرون الصدق إلا فيما يقولون.
نجحت حكومة خادم الحرمين الشريفين في تنظيم حج هذا العام وشهد العالم الإسلامي كله لها بهذا النجاح وبما أضافته من تقنيات جديدة سهلت على الحجاج أداء المناسك في راحة وأمن وأمان، بينما فشلت إيران في مشروعها التحريضي التأليبي ضد السعودية، وأثبتت أنها دولة لا تزال أسيرة تفكيرها الضيق وإدراكها المحدود الذي يقلل من شأنها بين الدول.