حرف «المعارضة» في البحرين وجعلها تابعة لإيران خطأ كبير ينبغي من الجمعيات السياسية التي يفترض أنها هي «المعارضة» أن تنتبه له جيداً وألا تسكت عنه، فهذا الحرف من شأنه أن يعجل بنهايتها حيث سيعتبرها الجميع محسوبة على إيران التي لم يعد ما تسعى إليه خافياً على أحد، ولم يعد أحد يرضى بأفعالها بعدما انكشف كل شيء وتأكدت نواياها. ما يقوم به حالياً ذلك البعض الذي يعتبر نفسه هو «المعارضة» بل كل «المعارضة» ويتجاوز الجمعيات السياسية وتاريخها ونضالها هو ترديد ما تقوله إيران في كل مناسبة، وأبسط مثال على ذلك هو رفع ما قاله خامنئي عن المملكة العربية السعودية قبل أيام كشعارات نقشت على بيارق جاب بها بعض القرى، من دون أن ينتبه إلى أنه بفعله هذا إنما يؤكد تبعيته لإيران وأن ما يقال عن أهدافه الضيقة صحيح وأنه حرف العمل السياسي ووظفه لصالح دولة أجنبية. هذه مسألة مهمة ينبغي الانتباه إليها جيداً، فعندما يعتبر ذلك البعض نفسه «المعارضة» ويحتكرها، ويردد كل قول يصدر عن المسؤولين في إيران ويرفع تلك الأقوال كشعارات يملأ بها حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي وتتقدم المظاهرات التي يجوب بها شوارع بعض القرى فإن هذا يعني أن من يدير «المعارضة» هي إيران التي لا تعترف بغير هذا البعض ولا تسبغ صفة «معارضة» إلا عليه فقط، «وهو ما تسعى الفضائيات الإيرانية «السوسة» على اختلافها إلى تأكيده فلا مكان للجمعيات السياسية في برامجها وأخبارها وتقاريرها». لهذا فإن سكوت الجمعيات السياسية «المعارضة» التي تعمل تحت مظلة القانون يعني قبولها بهذا الواقع واستسلامها، ويعني تأكيد ضعفها وقلة حيلتها، ويعني من ثم إصدارها لشهادة وفاتها بنفسها. فعندما يتصدر ذلك البعض المشهد وينفرد بالحضور في مختلف المناسبات ولا تستضيف الفضائيات «السوسة» سواه وسوى من يؤيده، وعندما لا يأتي هذا البعض على ذكر الجمعيات السياسية لا من قريب ولا من بعيد ويعتبرها وكأنها غير موجودة، فإن هذا يعني أن «المعارضة» المتمثلة في الجمعيات السياسية في خطر وأن اندثارها قريب جدا إن لم تتدارك الأمر وتفعل ما يحميها وما يصحح مسار «المعارضة». استمرار هذا الأمر يضر حتى بذلك البعض لأنه سيبدو في نظر الكثيرين عميلاً لإيران، وسينفض من حوله من هو متعاطف معه اليوم لسبب أو لآخر ومن هو مؤيد له وداعم ولو بصمته، فالشعب الذي اختار الاستقلال ورفض أن يكون تابعاً لإيران يوم أن قرر الإنجليز الانسحاب من منطقة الخليج العربي لا يمكن أن يختار إيران وهو يرى في كل يوم أفعالها السوداء وصار يعرف أهدافها ومراميها. لذا فإن الأكيد هو أنه في حال استمرار هذا الوضع فإن البعض المتحمس للنموذج الإيراني الفاشل سينتهي بعد قليل وسيتحسر الجميع على الخسائر التي تعرضوا لها، وسيضيع كل ما سعى المواطنون إليه طوال السنوات الماضية. حرف «المعارضة» وجعلها تابعة لإيران من شأنه أيضاً أن يؤكد أن قول الحكومة بأن إيران وراء كل هذا الذي جرى ويجرى هنا، وأن لها أهدافاً ملخصها أنها تريد السيطرة على البحرين والمنطقة برمتها قول صحيح وليس اتهاماً يراد منه تفتيت «المعارضة» بتقسيم الشعب إلى مؤيد ومعارض، ليسهل السيطرة عليها وعليه كما يحاول البعض أن يروج. وهذا سيؤكد أيضاً أن كل ما قالته الحكومة عن تورط إيران في تهريب الأسلحة إلى الداخل وتدريب عناصر من ذلك البعض على السلاح لتنفيذ العمليات الإرهابية واعتراف من تم القبض عليهم ممن تورطوا في كل ذلك كان صحيحاً ودقيقاً ولم يكن مجرد ادعاء أو للإساءة إلى ذلك البعض أو إلى إيران. هل من أذن صاغية؟