مثلما هناك خسارة وحزن وسلبية، هناك ربح وفرح وإيجابية وأمل، والمتفائلون هم من ينظرون إلى الضيق على أنه باب للفرج، وأن الحياة جميلة بكل تفاصيلها، حتى وإن حملت بين طياتها الألم والحرمان، فالأمل هو بصيص أن الحزن لا يبقى ولا يدوم، يدفع المرء إلى تجاوز كل المحن والشدائد.
شاعر البحرين المتفائل دائماً في كتابته ومقالاته علي الشرقاوي – ألبسه الله لباس الصحة والعافية – دائماً يعطينا جرعات أمل وتفاؤل في كثير من مقالاته، فهو دائماً يدعو للتسامح والمحبة بين الناس، نفتقد كتابات علي الشرقاوي التي يتحفنا بها دوما بكلمات تدخل القلب مباشرة، وتجعلك بعدها تتساءل: لماذا الحزن؟ لماذا التشاؤم؟ ونحن قادرون على أن نحيا حياة طيبة مليئة بالفرح والسرور.
«لوليين» كانوا أكثر تفاؤلاً وحباً للحياة رغم بساطتها، ذلك لأنهم كانوا يتحلون بالصبر على المحن والمواقف التي تعتري طريقهم في كسب الرزق، كما أن إيمانهم بالله فوق كل شيء خصوصاً الإيمان بالقضاء والقدر، وهذا ما يجعل المصيبة مهما كانت تهون عندهم، ليقينهم بأن النهار سيأتي مهما بلغ الليل عتمة، وأن الخير سيعم مهما بلغ الشر ذروته، ولولا الأمل والتفاؤل والإيمان لترك أهالي فلسطين بلادهم للعدو الإسرائيلي، ولاستسلم أحرار سوريا للطاغية بشار الأسد.
الإنسان لا يستطيع أن يغير قدره لكنه يستطيع أن يرسم طريقاً آخر يسلكه، ليكون فيه أكثر فرحاً وسعادة، يقرن ذلك بالثقة بالله والتوكل عليه، هناك نماذج كثيرة تصارعت مع آلامها وتجازوت المحن بنظرة إيجابية نحو الحياة، وهي التي دفعت هؤلاء الأشخاص إلى العمل والتقدم والنجاح، ولم يكن الألم يوماً سجناً لهمومهم ومصائبهم، وجدوا أن السعادة أحياناً تولد من رحم المصائب وأن التفاؤل والأمل والإيجابية في الحياة وترك الماضي أفضل دواء لطمأنينة النفس وراحة العقل والقلب.
جويرية ومن لا يعرف جويرية، المتفائلة بالحياة، نموذج جميل للأطفال والكبار، ليس لتحديها المرض «شفاها الله»، وإنما هي صورة جميلة رسمت دربها كما تريد، لم تستسلم للمرض بل دافعت عن حقها بأن تعيش حياة طيبة رغم قساوتها، وأن تتحلى بالصبر وتتسلح بالعلم، واليوم نشاطرها الفرح بعد أن واصلت دراستها في كلية البحرين للمعلمين، وهي بأمانة، خير نموذج يحتذى به، ستعلم الأجيال القادمة معنى الإيمان والصبر والتفاؤل، «وفقها الله دائماً وألبسها الله لباس الصحة والعافية».
علي تلفت نموذج آخر للتفاؤل رغم مرضه – وهو من مرضى التصلب المتعدد – دائماً يلقاك بابتسامة عريضة يتحداك بسعادته رغم مرضه، ويعكس إيجابيته في ذلك بأن الحياة جميلة رغم مرارتها، كمرارة الداوء الذي يتعاطاه ليبقى متفائلاً لنفسه ولمن حوله، لا تخلو «سناباته» من النماذج الإيجابية والصور المتفائلة، لا ينتظر العطف أو المساعدة، وإنما هو من يعطي بسخاء لكل من يحتاجه حتى يكون معه وبقربه يحفزه، ويقدم له أطروحات في التفاؤل والتغلب على المرض بصورة أخرى، نماذج كثيرة نلتقي بها لمطلقات وأرامل ويتامى ومرضى تحدوا أنفسهم وتحدوا ظروفهم القاسية ليكونوا قدوة إيجابية محبة للحياة رغم معاناتهم وآلامهم.
الحياة ليست بالثوب المفصل على مزاج المرء، لكن الإنسان يستطيع أن يضيف إلى هذا الثوب شيئاً من الأمل والتفاؤل والإيجابية، ليكون كما يريد، قوياً مستعداً لأزمات قد تقف أمامه مستقبلاً، يستطيع أن يتغلب على كل عقبة تعتريه، فالمصيبة في بدايتها قد تبدو كبيرة ولكن مع قليل من الصبر والرضا والأمل يتلاشى ألم المصيبة، ويبقى الإنسان قوياً متحدياً قساوة الحياة، التفاؤل هو سبب آخر للنجاح «تفاءلوا بالخير تجدوه»، هي دعوة لجذب الأشياء الإيجابية، والحياة هي أجدر بأن يتفاءل المرء بها وحسن ظن العبد بربه هي أعلى مراتب الإيمان.
شاعر البحرين علي الشرقاوي، شفاك الله وعافاك، فلترجع إلى وطنك وقرائك سالماً، نفتقد كلماتك التي تعبر عن أن الحياة مازالت جميلة وأن الإيجابية هي سلاح يقهر الظلام، ونعلم يقيناً بأن من يبث لنا الفرح والأمل في كلماته ومواقفه هو طاقة تفاؤل لمن حوله.