إن القاضي الإداري يستطيع تطبيق القانون الأجنبي على العقد الإداري المعروض نزاعه عليه وفقاً لقاعدة التنازع، لأن العقد الإداري لا يتعارض معه تطبيق منهج التنازع، كما أنه ليس بالضرورة إذا ما كان القاضي الإداري هو المختص بنظر النزاع أن يكون قانونه حتماً هو الواجب التطبيق.
ولا توجد مشكلة حينما يتم الاتفاق بين أطراف العقد الإداري ذو الطبيعة الدولية على تطبيق قانون الدولة المتعاقدة، فالقاضي الوطني أو المحكم المحلي أو الدولي سيطبق قانوناً يعرف التفرقة بين العقد الإداري والعقد المدني، ومن ثم سيحافظ العقد على طبيعته الإدارية بما فيها السلطات الممنوحة لجهة الإدارة أو للدولة.
وعلى الرغم أن الخطوة السابقة تعد هي الحل الطبيعي التي تتماشى مع ذاتية العقود الإدارية، سواء من ناحية وجود الدولة كطرف فيها، أو بناءً على أفكار سياسية أو مبادئ قانونية، أو إعمالاً لمنهج القانون الدولي الخاص، أو بالتطبيق لأحكام المعاهدات الدولية، إلا أن بعض أحكام القضاء الوطني، وأيضاً بعض التحكيمات بشأن عقود الدولة تعمد إلى استبعاد هذا القانون.
ولكن الأمر يكون أكثر صعوبة حينما لا يختار الأطراف أو لم يتفقوا على تحديد قانون محدد لينطبق على العقد، أو اتفقوا على اختيار قانون أجنبي عن العقد، قد يكون هو قانون بلد المتعاقد مع الدولة أو أي قانون آخر لا يعرف التفرقة بين العقد الإداري والعقد المدني، أو خضوع العقد للقانون الدولي العام الذي يسعى إليه المتعاقد مع الإدارة ضماناً له وحماية أكيدة من ممارسة سلطاتها المختلفة تجاهه واحتمالية تعسفها في هذه الممارسة.
وإذا ما تم تطبيق أي قانون - بخلاف قانون الدولة المتعاقدة - على العقد، لا يعرف التفرقة بين العقد الإداري والعقد المدني، قد يؤدي هذا الأمر إلى تحول العقد الإداري إلى عقد مدني، يؤثر بالسلب على امتيازات الإدارة المقررة لها لتحقيق المصلحة العامة.
وذهب جانب من الفقه إلى أنه على الرغم من حاجة الدول النامية للاستثمار والتنمية واستقطاب رؤوس الأموال والشركات الأجنبية العملاقة، إلا أنه يجب أن لا يكون ذلك على حساب المصالح الحيوية للبلاد أو بتطبيق قانون أجنبي لا يعترف للشخص العام بسمو مركزه القانوني الذي تقرره له مبادئ القانون العام الذي تستهدف المصالح العامة وتفضيلها على المصالح الشخصية للمتعاقد مع الإدارة.
ولذلك يتوجب تطبيق القواعد الموضوعية للعقد الإداري الذي تميزه عن غيره من العقود الأخرى وعدم إطلاق الحرية للأطراف في اختيار القانون الواجب التطبيق على الموضوع، وعلى الأخص بالنسبة للعقود الإدارية. وعلى الإدارة من البداية أن تحاول جاهدة أما باختيار القانون الوطني للتطبيق على العقد أو اختيار قانون آخر يميز بين العقد الإداري والعقد المدني.