مع بدء العام المدرسي الجديد كثر حديث البعض عن موضوعين، الطلبة المحتجزين أو المحبوسين نتيجة تورطهم في أعمال مخلة بالأمن، ومعاناة طلبة بعض القرى بسبب الظروف غير الطبيعية التي تمر بها إحدى المناطق. ولأن ذلك البعض يعتبر الحكومة هي السبب وراء كل شيء، لذا فإن تركيزه منصب على نشر فكرة أن عليها أن تنهي هاتين المشكلتين. لكن العارفين بما حدث ويحدث، أسبابه وظروفه وأهدافه، يعتبرون كل هذا الذي يقوم به ذلك البعض تهرباً من المسؤولية ومحاولة لتبرئة نفسه من الحال التي صار فيها أولئك الطلبة، فلولا إقحامهم في أمور لا علاقة لهم بها ومحاولة الاستفادة منهم كوقود وأدوات لما حدث لهم ما حدث، ولولا القيام بممارسات تعطل الحياة في تلك المنطقة لما تعطل الطلبة صباحاً أو مساءً.
قيام الجهات المعنية بالأمن ببعض الإجراءات في تلك المنطقة بشكل خاص أمر طبيعي، فما يجري هناك أمر غير مقبول ولا يمكن للحكومة أن تسكت عنه، واحتجاز الطلبة المتورطين في أعمال مخلة بالأمن أو صدور أحكام بسجنهم أمر طبيعي أيضا لأن ما قاموا به غير مقبول ولا يمكن للحكومة أن تسكت عنه، ومثل هذا وذاك لا يمكن أن تقبل به أي حكومة في أي بلد من بلدان العالم. اللوم كل اللوم يقع على أولئك الذين لم يفكروا في نتاج عملهم ولم يهتموا بتأثر الطلبة بما يقومون به من ممارسات، فلولاهم لما صار أولئك الطلبة في مثل هذا الوضع الذي ما كان ينبغي أن يصيروا فيه.
أمر غير معقول أن يقوم البعض بفعلته ثم يتباكى ويسعى إلى إلقاء المسؤولية على الآخرين، كما أنه من غير المقبول أن يعتبر هذا السعي كل المطلوب منه، فالذي فيه أولئك الطلبة اليوم ليس إلا «تلايا فعلته»، وبالتالي فإن عليه أن يخلصهم مما صاروا فيه، فهذا هو الصحيح، والصحيح الذي يسبق هذا الصحيح هو أنه كان عليه أن يمنعهم من القيام بأعمال مخلة بالأمن تحت أي شعار لا أن يعتمد عليهم في تحقيق أهدافه ومراميه.
الذي أساء إلى أولئك الطلبة هو ذلك البعض الذي لم يفكر بمستقبلهم ولا يعني له مستقبلهم شيئاً حيث الأهم عنده هو تحقيق أهدافه. ذلك البعض هو الذي أساء للطلبة فحرمهم من مقاعد الدراسة، وهو الذي تسبب في معاناتهم ومعاناة أهاليهم، وعليه أن يعمل شيئاً لتخليصهم مما هم فيه الآن، فهذه مسؤوليته وليست مسؤولية الحكومة ولا أي طرف آخر.
لم يكن صعباً منع الصغار من حمل الحجارة وزجاجات المولوتوف الحارقة ورميها على رجال الأمن، ولم يكن صعباً منعهم من اختطاف الشوارع وإشعال النار في إطارات السيارات، ولم يكن صعباً منعهم من المشاركة في المظاهرات التي يعرفون أنها ستنتهي بمواجهات مع رجال الأمن. كان بإمكان أولئك منعهم من كل هذا وعدم تعريضهم للحبس ولو بشكل مؤقت. تماماً مثلما أنه لم يكن صعباً حل المشكلات الأخرى بطريقة لا يكون من سوالبها تضرر الطلبة حين ذهابهم إلى مدارسهم صباحاً وعودتهم ظهراً.
ليست الحكومة من تجنى على أولئك الطلبة ولكن ذلك البعض ومن يقف معه وخلفه ويشجعه ويدعمه، وهو من عليه أن يخلصهم مما صاروا فيه، وهو الذي عليه أن يعرف كيف يفعل هذا، فهو المعني بالأمر، وهو صاحب المشكلة، وهو من ينبغي أن يقصده أولياء أمور الطلبة ويحاسبونه ويلزمونه بالقيام بما ينبغي القيام به، دون أن يعني هذا إعفاءهم من المسؤولية، فهم أولياء أمور أولئك الطلبة وهم المسؤولون عن تصرفاتهم أيضاً.