الصورة التي التقطها صابر الرباعي مع ضابط إسرائيلي أثناء إقامته حفلاً غنائياً في مدينة الروابي الفلسطينية أثارت زوبعة متواضعة من الاحتجاجات ما لبثت أن انطفأت في مهدها ولم يسمع بها غير محبي صابر الرباعي نفسه. الرباعي لم يفته أن يصف الزوبعة ـ المتواضعة ـ ضده بالحملة الإعلامية الحاقدة على نجاحاته. وبرر الصورة بأنها خطأ غير مقصود حين عرف الضابط نفسه بأن اسمه «هادي»، مما غيب عن الرباعي تفاصيل كانت مهمة وخطيرة. مشيراً إلى التعقيدات في النسيج الفلسطيني البطل. وهو يقصد وجود «عرب 48» حاملي الهوية الإسرائيلية.
الصورة في الأصل روجت لها الأجهزة الإسرائيلية الرسمية معبرة عن نجاحها في تسهيل إقامة حفل صابر الرباعي وتيسير عبوره لجسر مدينة الروابي. وبعد رواج الصورة وتأديتها وظيفتها حذفها المصدر الرسمي الإسرائيلي تاركاً العرب في جدالهم ـ المتواضع ـ حولها. وعلى الرغم من أن الزيارات العربية لإسرائيل في السنوات الخمس الأخيرة، أي من بعد زوابع «الربيع العربي» 2011، قد زادت وتيرتها وتنوعت بين زيارات المثقفين والمبدعين والمواطنين العاديين بما يشي أنها ممنهجة إسرائيلياً لتسريع عمليات التطبيع وتسويغها. وعلى الرغم من «منطق التبسيط» الذي تحدث به صابر الرباعي وغيره ممن زار فلسطين بالتنسيق مع السلطات الإسرائيلية. إلا أنه لا يجوز التشكيك في عروبة وقومية الكثير منهم.
في السابق كانت فكرة زيارة العرب لفلسطين في ظل الاحتلال الصهيوني من المحرمات، وكان القيام بها من الجرائم. اليوم تكثر التبريرات ويسود «منطق التبسيط» للتعامل مع الكيان الصهيوني في تسهيل عملية زيارة القدس المحتلة. وقد كانت كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس الماضي معبرة تماماً عن «النجاح الذي حققته إسرائيل في جر أقدام الكثيرين نحو التطبيع مع إسرائيل».
عاتب نتنياهو الأمم المتحدة على استمرارها في «إصدار القرارات الشاجبة لإسرائيل في مقابل تزايد الدول والأنظمة والأشخاص الذين صاروا يجدون في إسرائيل حليفاً وداعماً وشريكاً في العلم والحضارة والسلام». وبين أمام الجميع أن «المفاجأة الأكبر هو أن عدد الدول العربية التي صارت تعتبر إسرائيل دولة غير عدوة في تزايد وأنهم متفقون على أن العدو الحقيقي للمنطقة هما إيران وتنظيم «داعش»». ودعا الأمم المتحدة إلى «تسليم السلاح لأن الحرب ضد إسرائيل في الأمم المتحدة قد انتهت».
«منطق التبسيط» الذي ساد كلمة نتنياهو في الأمم المتحدة هو المنطق ذاته الذي يسود تبريرات كل من يزور إسرائيل من العرب المحبين للقدس أو المثقفين أو المبدعين أو المخولين حقاً للبت في إجراءات التطبيع مع إسرائيل.