تأييد محكمة الاستئناف قرار محكمة أول درجة برفضها الطعن ضد حل جمعية «الوفاق» زعم البعض أنه نهاية «العمل السياسي في البحرين»، وذلك في محاولة مكشوفة لنشر فكرة أن «هذه الجمعية هي كل العمل السياسي المعارض» وأنه من دونها «لا قيمة للجمعيات السياسية الأخرى وأن الأبواب صارت مشرعة على كل ما قد يخطر على البال من ممارسات»، وكذلك للقول إن «المراد من رفض الطعن هو استهداف المعارضة الشيعية والعلمانية وكل معارضة»، وأن «الحكم سياسي» وأنه «كان جاهزاً». وهذا يفسر تضمين الخبر عبارات من قبيل «الحكم الذي أدانته الولايات المتحدة والأمم المتحدة» و»تعرض الحكومة التي يقودها السنة لانتقادات من حلفائها الغربيين وجماعات حقوقية»، و»يقول شيعة إنهم يتعرضون للتمييز» وغيرها من عبارات صار واضحا المراد من ترديدها في كل مناسبة.
ولأن كل هذا غير صحيح، لذا جاء الرد من المراقبين الذين يرون المشهد كاملا. من ذلك على سبيل المثال الرأي الذي نشره وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور أنور قرقاش في ثلاث تغريدات مهمة، حيث كتب «خسرت الوفاق رهانها الطائفي مع إدراك البحرينيين لأبعاد الفوضى والفتن في المنطقة، ورهان العنف والإستقواء بالخارج برنامج يائس عرَّى الجمعية» و»جميع الدول تواجه التحديات السياسية والتنموية، والبحرين لا تمثل إستثناءا. علمتنا التجربة أن الخيار الوطني، التنموي والسياسي، هو الأسلم»، و»تأييد الاستئناف البحرينية لحلّ الوفاق يأتي بعد سنوات من الخيارات الخاطئة للجمعية. البحرين تتعافي برغم الطرح الطائفي للوفاق والتبعية الخارجية».
ولأهمية الموضوع بالنسبة لذلك البعض الذي يعمل من الخارج اهتمت الفضائيات «السوسة»، الإيرانية وغير الإيرانية، بالموضوع وصارت تتناوله بشكل يومي، وتستضيف لتأكيد وجهة نظرها كل من تعتقد أنه يمكن أن يقول ما تريده منه قوله، من ذلك ما ذكره عبد الله الصالح الجمعة الماضي لفضائية «العالم» عبر برنامج «حديث البحرين» والتي قدمته بصفة نائب الأمين العام لجمعية «العمل» الإسلامي حيث قال إن «حل جمعية الوفاق يعني نهاية العمل السياسي في البحرين وأن هذا لن يؤدي إلى العمل السري ولكن إلى المواجهة العسكرية» قبل أن تستوضح منه مقدمة البرنامج مستغربة من هكذا تصريح، فيتراجع ويقول إنه يعني إن الناس سيضغطون للتفكير في هذا الاتجاه (...)!
ليس صحيحا أبدا أن العمل السياسي المعارض انتهى في البحرين، الصحيح هو أن مفهوم العمل السياسي المعارض الخاطئ انتهى وصار الطريق مفتوحاً للمعارضة الوطنية الإيجابية والقادرة على المشاركة في عملية البناء والتنمية وليس المعوقة لها والرامية إلى تحقيق أهداف حزبية لا يستفيد منها سوى من لا يريد الخير للبحرين.
ما ذكره الوزير قرقاش اختصر به القصة والدور الذي كانت تقوم به جمعية الوفاق والظروف التي أوصلت إلى هكذا نهاية، فالقصة لا تخرج عن خطأ استرتيجي وقعت فيه «الوفاق» – ومعها جمعيات سياسية أخرى أيضاً - برهانها الطائفي، وتبين شعب البحرين ما يجري في المنطقة من تطورات غير طبيعية وما يراد لوطنهم، خصوصاً بعد ما تأكدوا من أن «الوفاق» استقوت بالخارج وأسست للعنف ودعمته بدل أن تعتمد الخيار التنموي الذي كان يمكنها أن توفر به مثالا على أنها لا تعمل إلا لمصلحة هذا الوطن وهذا الشعب.
الخطأ الاستراتيجي الآخر الذي ستقع فيه «المعارضة» على اختلافها هذه المرة هو ما قاله عبد الله الصالح لفضائية «السوسة» الإيرانية عن الخيار العسكري كرد على حل جميعة «الوفاق» وجمعيات أخرى أخطأت الطريق، الأمر الذي يستوجب تداركه بالرد عليه من قبل الجمعيات السياسية ومن قبل كل من يرفع شعار السلمية، ذلك أن مثل هذا القول ينبغي ألا يمر بسهولة.