الخطاب السياسي هو منتوج ثقافي أو حقل للتعبير عن القضايا السياسية، مثلما هو الفن الذي قد يكون حقيقياً في الرسم وفي عزف باديروسكي، فالأمر ذاته صحيح عندما يلامس المرء الكلمات.
لقد عرف الناس الخطابة منذ قديم الزمان، منذ اجتمع الناس في مكان واحد استوطنوه وتفاهموا بلسانٍ واحد، لأنه من الطبيعي أن يختلفوا في رأي أو عقيدة، أو بالأحرى أن يتنافسوا على غنيمة أو متاعب أو سلطة، كأن تنشب أمور تستدعي تعاون المجتمع وتضافر قواه على اجتلاب نفع عام مشترك أو اتقاء ضير، فيحاول المتفوق أن يستميل المخالفين، وأن يقنعهم، فإذا ما اقتنعوا واستمالهم فهو يمارس فن الخطابة. على أن الناس في حياتهم القديمة، قد تسلحوا بأسلحة مادية للدفاع والعدوان، كما تسلحوا أيضاً بالسلاح المعنوي وهو اللسان، ولذلك مازالت الخطابة إلى الآن سلاحاً مرهفاً تحمي به الأمم نفسها.
الجدير بالإشارة أنه مثلما تكون الكلمة بناءة وهدامة، فأيضاً قد يكون الخطاب السياسي بناء، ومن ناحية أخرى قد يكون هداماً. وإنه من الفخر الاعتزاز بمعهد البحرين للتنمية السياسية، الذي يقوم بتعزيز التنمية السياسية، بما يتضمنه من نشر ثقافة الديمقراطية، وتنمية الوعي السياسي في الحياة السياسية بمختلف أشكالها، الأمر الذي ينعكس إيجاباً لخلق بيئة مفعمة بالخطاب السياسي البناء، الذي يثمر عن مختلف السبل السياسية المؤهلة إيجابياً لنهضة المجتمع بخطوات واثقة للأمام.. لا بخطوات متعرجة إلى الخلف. كما أبارك للمعهد تدشين النسخة الثانية من مسابقة كتابة الخطاب السياسي على هذه الفكرة الملهمة والإبداعية من نوعها التي تسعى من خلالها لاستدامة العمل السياسي الوطني لدى الشباب.
وفي هذا المحفل، أريد الإشادة بمكانة المرأة البحرينية في الخطاب السياسي، فلم تقتصر خطواتها وبصماتها على المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقط، بل امتد طموحها بقوة تاركة بصماتها المميزة في المجالات السياسية والمدنية والتي تشمل خوض المرأة البحرينية في السلك القضائي، والحياة النيابية وما إلى ذلك. وكل ذلك راجع طبعاً إلى دعم وتشجيع صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد المفدى، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، في بناء مجتمع متكامل ذي أولوية في سبيل تمكين المرأة من ممارسة حقوقها ومشاركتها الفعالة في صنع القرار.
وأخيراً، يقال إن دموع التماسيح ليست بكاء، وإنما هي دموع الفرح بالتهام الفريسة، يذكرني هذا القول بمن يستخدم الخطاب السياسي المدعم بالأكاذيب في أرقة الأمم المتحدة -ولا يقتصر ذلك على الخطاب السياسي فقط، فهناك أيضاً تلك الشخصيات المنافقة المحرفة بمهارة للحقائق- وذلك ضد دولتها.. ضد أرض الوطن الذي وُلدت فيه.. ضد «ديرة» أهلها وأجدادها.. طمعاً لهلاكها! ومن أجل عيون تلك المنظمات والدول الطامعة التي تذرف دموع الفرح حقداً وضغينة! مطامع وأهداف غربية واضحة وأشخاص مغفلون..! أفلا يعقلون.
* باحث قانوني في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان