تناولنا في المقال السابق شرط الثبات التشريعي كضمانة للمتعاقد مع الإدارة ونتطرق في هذا المقال لشرط ثبات العقد كضمانة أخرى للمتعاقد.
ثانياً- شرط ثبات العقد «عدم المساس بالعقد».
بموجب هذا الشرط تتعهد الدولة بعدم تعديل العقد ذاته بإرادتها المنفردة، مستخدمة في ذلك ما تتميز به من امتيازات كسلطة تنفيذية. وعليه فإن شرط عدم المساس بالعقد يشكل نوعاً من الحصانة يتمتع به الطرف الأجنبي المتعاقد مع الدولة ضد ما تتمتع به الدولة من سلطان نتيجة لصفتها الإدارية.
ويرى جانب من الفقه بأن أي نظام قانوني وطني أو دولي يعترف بمبدأ قدسية العقود. ورغم ذلك فإن حق الدولة في تغيير قوانينها أو تعديل عقودها المبرمة مع الأشخاص الخاصة يعتبر من أهم سلطاتها الممنوحة لها بموجب القوانين واللوائح، ولكن هذه السلطات لا وجود لها في ظل وجود شرط الثبات التشريعي وشرط ثبات العقد.
وإن هذين الشرطين يعتبران طبيعيين في عقود الدولة، لأنهما يسمحان بضمان التنفيذ الجيد للعقد طوال مدته، أي طوال فترة التنفيذ. إلا أن لهما دائماً اعتبارات سياسية تتمثل في تشجيع وترغيب المستثمر الأجنبي في جلب رؤوس أمواله واستثمارها في البلد، وفي هذه الحالة وفي ظل حاجة الدولة -خاصة بالنسبة لمشروعات التنمية والبنى التحتية- فإنها حتماً توافق على إدراج تلك الشروط في عقودها رغم أنها تقلص من امتيازاتها وسلطاتها.
ويشير جانب من الفقه إلى أنه على الرغم من اختلاف شروط الثبات التشريعي عن شروط ثبات العقد من الناحية النظرية، إلا أن كلا النوعين يسعى إلى عدم المساس بالعقد، وبالتالي فإن المشكلة التي تصادف كل منها تظل واحدة تمثل في مدى التزام الدولة بعدم تغيير العقد المبرم بينها وبين الطرف الأجنبي، سواء تعلق الأمر بعدم تغيير العقد مباشرة بإجراء تعديل عليه أو بطريق غير مباشر عن طريق إصدار تشريع جديد يؤثر على القانون الحاكم له.