قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، أو «جاستا»، هو قانون يجيز للمحاكم الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية النظر في دعاوى مدنية ضد أي دولة ذات سيادة، قدمت بعلمها أو بنحو متهور، دعماً مادياً أو موارد بشكل مباشر أو غير مباشر للأفراد أو المنظمات التي يحتمل بنسبة كبيرة ارتكابها أعمالاً إرهابية.
وتحاول أمريكا إذعان المملكة العربية السعودية بهذا القانون الذي يخترق أبسط قواعد القوانين الدولية واحترام سيادة الدول والمحافظة على العلاقات الدبلوماسية.
وبالرغم من أن أمريكا لم تشر إلى المملكة العربية السعودية صراحة فيما يتعلق بتطبيق هذا القانون عليها أم لا، نظراً لما يتعلق بتفجيرات 11 سبتمبر، إلى أنها «تنغز» على أن المملكة العربية السعودية ضمنياً قد تكون إحدى الدول التي سيطبق عليها هذا القانون.
إنه وبمجرد وعي المملكة العربية السعودية بأن لديها خيارات واسعة للرد على قانون «جاستا»، فسيكون ذلك كفيلاً بأن يجعلها «المسيطر» على الوضع، وجدير بأن يجعل القانون الأمريكي المستفز «مقيداً».
المملكة العربية السعودية لديها تحالفات دولية عديدة، ولديها من أوراق الضغط الكثير، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تراجع نفسها قبل أن «تتفوه» بأي كلمة قد تضرها أكثر مما تنفعها، حيث لا يخفى على أي واعٍ الثقل المالي السعودي في الأسواق الأمريكية تحديداً. فوفقاً لأرقام حصلت عليها وكالة «بلومبيرغ» الأمريكية في مارس الماضي، فإن حكومة المملكة العربية السعودية تملك سندات من ديون الخزانة الأمريكية قيمتها 117 مليار دولار، ويرجح امتلاكها أصولاً إضافية غير مدرجة في البيانات المودعة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ناهيكم عن سيطرة المملكة العربية السعودية على أهم موارد الطاقة العالمية وامتلاكها حصة كبيرة ونفوذاً وتأثيراً على «الذهب الأسود».
وبعيداً عن كل هذه الحقائق، فعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تعي أن السعودية لديها شعب متآلف، يعشق ترابها وسيقف معها في كل الظروف، وأن شعوب الخليج «مجتمعة» لن تتخلى عن المملكة العربية السعودية، وأننا سنقف صفاً واحداً لمواجهة أي نوع من أنواع العدوان حتى وإن كان عدواناً «لفظياً»، فالمملكة العربية السعودية جزء منا نحن أبناء الخليج، ولها جزء في قلب كل خليجي.. فليقر الكونغرس الأمريكي ما يريده من قوانين.. فنحن أهل سلم.. ولم يعرف عنا التاريخ احتضاننا ودعمنا للإرهاب، نحن دول مسالمة لم نعتدِ على أي دولة بحجة أو بدون حجة، لم نرعَ ولم نحتضن الإرهابيين ولا الخارجين عن القانون، نحن دول نشارك في مكافحة الإرهاب لا رعايته، وإذا كان هناك داعٍ لشيء فمن باب أولى أن تلتفت أمريكا لسياستها في رعاية العناصر الإرهابية، وسياساتها الرامية لنشر العنف والحروب في كل حدب وصوب، وأن يراجع الكونغرس مواقفه من الحرب في سوريا والعراق، على سبيل المثال لا الحصر، وأن تعترف أمريكا بطوابيرها الخامسة المتفشية في أنحاء العالم والتي تعيث في الأرض فساداً، وأن تعترف بالقلاقل والنزاعات التي سببتها في كل مكان وأن يسعى الكونغرس لإقرار قوانين تهذب السلوك الدبلوماسي الأمريكي مع حلفائها ومع باقي الدول.