إدراج وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة إيران ضمن قائمة التحديات الأمنية المستقبلية التي ضمنها كلمته التي ألقاها في حشد من المواطنين من مختلف شرائح المجتمع البحريني الأسبوع الماضي، إدراجها بالإسم يعني بصريح العبارة أن الكثير من الأذى الذي يؤثر على حالة الأمن يأتي من هذه الجارة التي لا تزال دون القدرة على استيعاب أن لجيرانها حقاً عليها وأن عليها أن تثبت أنها جارة غير ضارة بالتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وبالامتناع عن دعم المجموعات التي تريد ببلدانها السوء وتدريب عناصرها على السلاح واستغلالهم لخدمة أغراضها التي باتت مكشوفة للجميع.
للمعلومة، فإن قيام مسؤول كبير في أي دولة بذكر اسم دولة أخرى في كلمة رسمية بهذه الطريقة التي تم فيها ذكر اسم إيران يعني أن بلاده ضاقت ذرعاً بممارسات تلك الدولة، وأنه قد تم بالفعل رصد العديد من الممارسات التي تؤثر سلباً على الأمن وتعرض البلاد للخطر، ذلك أن ذكر اسم الدولة أو حتى الإشارة إليها ضمناً يعني توجيه الاتهامات إليها، ولأنه لا يمكن لدولة أن توجه الاتهامات لدولة أخرى، خصوصاً لو كانت تتقاسم معها الجغرافيا، من دون توفر الأدلة اللازمة والبراهين المؤكدة لتلك الاتهامات لذا فإن ذكر اسم إيران في كلمة الوزير يعني أنه فاض الكيل وصار لابد من وضع حد لهذا الذي تقوم به إيران ويخالف كل القواعد والأعراف الدولية.
للتذكير فإن الكلمة عنونت الفقرة الخاصة بإيران بـ «التهديد الإيراني» وهو اتهام صريح وتأكيد على توفر ما يكفي من أدلة تؤكد استحقاق إيران لهذا العنوان، وجاء فيها «باتت التدخلات الإيرانية أكثر صراحة ووضوحاً»، واستشهد الوزير على ذلك بالتصريحات المعادية لكبار المسؤولين الإيرانيين تجاه البحرين، والتي قال عنها إنها تتعمد اللعب على الوتر الديني الطائفي وأنها بلغت في الشهور الثمانية الأولى من هذا العام فقط 124 تصريحاً، كما استشهد بما صار أكيداً قيام إيران «بإيواء المطلوبين والتورط في عمليات التخطيط والتحريض والتدريب وعمليات التهريب للأسلحة والمتفجرات وما يحتاجه ذلك من تمويل». ولأن البحرين حاولت مراراً وضع حد لكل هذا بالطرق الدبلوماسية ولم تصل إلى مفيد لذا قال الوزير «إن هذا يقودنا إلى وضع المزيد من الضوابط في التعامل مع إيران»، أملاً في وضع حد لتدخلها في الشؤون الداخلية ، فـ «البحرين دولة ذات سيادة ولديها القوانين والأنظمة والثقافة التي يجب أن تحترم.. مثلما نحترم سيادة الآخرين» أي أن على إيران «أن تظهر الالتزام المطلوب بعدم التدخل في شؤوننا الداخلية واحترام سيادتنا».
الأكيد في موضوع التدخل الإيراني في شؤون البحرين وشؤون دول المجلس إجمالاً هو أن هذا التدخل لم يعد «من تحت لتحت» كما كان الحال في سنوات سابقة، ولكنه تجاوز مرحلة السرية إلى العلن فصار واضحا وضوح الشمس سواء عبر تصريحات كبار المسؤولين وتحريضهم ضد القيادة والحكومة في البحرين، أو عبر الدعم الإعلامي غير المحدود لتلك المجموعات والذي لا يقتصر على الفضائيات «السوسة»، ولكنه يوظف كل وسيلة إعلامية مهما كانت محدودة التأثير، أو من خلال عمليات الاستضافة في طهران أو بغداد أو بيروت أو دمشق لتدريب بعض العناصر على كيفية استخدام السلاح وكيفية تأجيج الوضع والتحريض ضد دولة القانون والمؤسسات التي هي البحرين اليوم.
تجاوز إيران لكل الحدود وتطاولها على حق الجيرة وعلى الأعراف الدولية والتقاليد وتوفر ما يكفي من أدلة تدينها هو ما يدفع المسؤولين إلى توجيه الاتهامات إليها بشكل مباشر، ومع هذا تؤكد البحرين وكل دول مجلس التعاون على أن الباب مفتوح لإيران لتؤسس معها من جديد علاقات تقوم على المبادئ التي تقرها الشرائع الدولية.