يحتاج المراجعون في مجال تخطيطهم وتنفيذهم لعملية المراجعة إلى اتخاذ قرارات فيما يتعلق بكيفية المضي في العمل والاختيار من بين البدائل في مجال التنفيذ، إذ يجب عليهم أن يحددوا كيفية إجراء الفحص ومدى ونطاق وعمق الاختبارات وطبيعة وحجم الدليل الواجب الحصول عليه كما يجب عليهم أن يحددوا ردود أفعالهم وتحديد مجالات الفحص التي يجب تطويرها، وما هي القرارات الأولية التي ينبغي تعديلها المتعلقة بالأدلة المطلوبة كنتيجة لما اكتسبوه من معرفة خلال عملية الفحص، وفي الأخير عليهم أن يحددوا ما الذي يجب أن يحتوي عليه الرأي عند كتابة تقرير المراجعة وأية جراءات أخرى يجب أن يتخذوها للوفاء بمسؤولياتهم بناء على المعلومات التي حصلوا عليها إذا ما تطلب الأمر ذلك.
وتتوقف كافة هذه القرارات على مدى أهمية هذه الأمور في ذهن المراجعين وهو ما يطلق عليه في المراجعة بالأهمية النسبية Materiality وقد عرفت لجنة معايير المحاسبة الدولية الأهمية النسبية بما يلي «تكون المعلومات ذات أهمية نسبية إذا كان حذفها أو عرضها بصورة خاطئة يؤثر على القرارات الاقتصادية لمستخدمي المعلومات وتعتمد الأهمية النسبية على حجم البند أو الخطأ المكرر في الظروف الخاصة بحذفه أو تقديمه بصورة خاطئة».
تمثل الأهمية النسبية في المحاسبة نفس الأهمية النسبية في المراجعة نظراً لأن الأهمية النسبية المحاسبية هي التي تحدد البيانات والمعلومات التي تتضمنها القوائم المالية والتي تؤثر في فهم وقرارات الأفراد الذين يستخدمون هذه المعلومات ومن ثم فإن الأمور التي تعد ذات أهمية نسبية في مجال المحاسبة تكون هي نفس الأمور ذات الأهمية النسبية في المراجعة وبالتالي يجب على المراجع مراعاة كيف يكون الدليل مقنعاً بالنسبة لها عند تخطيط عملية المراجعة.
وتتخذ الأهمية النسبية المحاسبية للمعلومات والبيانات من خلال التعرف على احتياجات مستخدمي القوائم المالية من هذه المعلومات فالإفصاح عن معلومات تؤدي إلى التأثير على قرارات المستثمرين تعتبر ذات أهمية نسبية محاسبية.
من المعلوم أن المراجعين يستخدمون أحكامهم الشخصية في تحديد أجزاء الفحص والمراجعة والتي يتم الاقتصار فيها على العينات ومكونات العينة التي تخضع لهذا الفحص ولذا يحتاج المراجعون إلى تكوين أحكامهم الشخصية بناء على الثقة في النظام المحاسبي وأنظمة الرقابة وعلى مدى إمكانية الاعتماد على البيانات والمعلومات التي تتضمنها القوائم المالية.
تؤدي عملية تقييم النظام المحاسبي من قبل المراجع إلى تكوين فكرة عن نقاط الرقابة الهامة اللازمة لتحقيق التكامل في النظام المحاسبي وفي المعلومات والبيانات، وتمثل مدى كفاية نقاط الرقابة الهامة أهمية بالنسبة للمراجعين باعتبارها مصادر للدليل الذي من خلاله يتم التحقق من المعلومات والبيانات التي ينتجها النظام المحاسبي.
وبنفس الطريقة فإن تقييم النظام المحاسبي وأنظمة الرقابة ينطوي على تكوين فكرة عن نقاط الضعف في النظام المحاسبي وتشغيله ونظراً لأن الضعف يؤثر في ثقة المراجع في مدى إمكانية الاعتماد على النظام بصورة شاملة أو جزئية أو في مصداقية البيانات أو المعلومات ومن ثم يجب على المراجع أن يخطط عملية المراجعة للوصول إلى دليل مقنع وكاف من مصدر أو مصادر أخرى.
ويجب ملاحظة أن المراجع ينفذ أحكاماً مبدئية بشأن مستويات الأهمية النسبية عند تخطيط عملية المراجعة مع مراعاة أن هذه الأهمية النسبية قد تختلف كلية عن مستويات الأهمية النسبية المستخدمة في نهاية عملية المراجعة عند تقييم نتائج عملية المراجعة نتيجة إلى تغير الظروف المحيطة من ناحية أو الحصول على معلومات إضافية أثناء أداء عملية المراجعة من ناحية أخرى.
ويجب على المراجع أن يمارس أحكام الأهمية النسبية عند مستويين هما:
1- مستوى القوائم المالية: حيث إن رأي المراجع عن عدالة التمثيل والعرض يمتد إلى القوائم المالية كوحدة واحدة.
2- مستوى رصيد الحساب: حيث يتحقق المراجع من أرصدة الحسابات بغية التوصل إلى نتيجة شاملة عن عدالة تمثيل وعرض القوائم المالية.