لقد أسهمت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مباشر أو غير مباشر، في معاناة دول جراء الإرهاب والتنكيل الذي ورثته نتيجة الكيل بمكيالين لمكافحة هذه الآفة، علماً بأن هذا التعاطي خلف مجموعات إرهابية عابرة للوطنية نتيجة اتساع نشاطها ونقل أفكارها الهدامة للمجتمعات. يأتي ذلك نتيجة سياسة الابتزاز السياسي والاقتصادي للولايات المتحدة واستخدامها، حق النقض «الفيتو» بالأمم المتحدة لأي قرار يدين إسرائيل على حساب ما يعانيه الشعب الفلسطيني، وما حل بالعراق من فوضى على إثر توغل النظام الإيراني الذي يجاهر بإنشاء وتمويل ميليشيات مسلحة وإيواء زعماء الإرهاب مثل زعيم تنظيم القاعدة بعد سقوط أفغانستان. كل ذلك يعد مساهمة أو مشاركة بتلك الأعمال الإرهابية القذرة بالإرهاب.
«جاستا» والتاريخ الأسود
على الرغم من التاريخ الأسود للولايات المتحدة، إلا أنه مؤخراً وافق الكونغرس الأمريكي على إصدار قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب»، المعروف باسم «جاستا»، والذي يُعد سابقة خطيرة في العلاقات بين الدول ويضعف الحصانة السيادية للبلدان، ويجسد مدى غطرسه الولايات المتحدة وضربها عرض الحائط بجميع القوانين الناظمة بين المجتمع الدولي، لما لهذا القانون من تأثير سلبي علي جميع الدول بمن فيها الولايات المتحدة من حيث لا تعلم، أو لاعتقادها بأنها قادرة على توزيع التهم على الدول للابتزاز السياسي و الاقتصادي، ووقوف المجتمع الدولي موقف المتفرج على هذا الابتزاز الرخيص. لقد ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية بهذا القانون مخالفة واضحة وصريحة لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، باعتبار هذا التشريع مخالف لأسس العلاقات الدولية، القائمة على مبادئ المساواة في السيادة والحصانة الدولية، والاحترام المتبادل، وعدم فرض القوانين الداخلية لأي دولة على الدول الأخرى.
التعاون والتستر القذر
لقد دأبت الولايات المتحدة على التستر على ما تكتشفه من معلومات، خاصة التي تضر بمصالحها السياسية والاقتصادية على حساب مواطنيها وحلفائها. لماذا نقول ذلك؟ لقد حجبت واشنطن أكثر من مليون وثيقة تدين طهران بالإرهاب ثمناً للاتفاق النووي، حسبما ورد في عدد من الوثائق التي تم نشرها في 16 يونيو 2016.
ومن المعلوم أنه في 2 مايو 2011 اقتحمت قوات أمريكية منزل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في أبوت آباد بباكستان، وبعد قتله حصلت القوات الأمريكية على مجموعة ضخمة من الوثائق وصفت لاحقاً بـ «أكبر مجموعة منفردة من المواد المهمة على الإطلاق». وأفاد الضابط بوكالة الاستخبارات العسكرية مايكل بريغت بأن «هناك أكثر من مليون وثيقة تدين طهران بالإرهاب»، وبينت الوثائق استمرار العلاقة بين نظام علي خامنئي وتنظيم القاعدة. وقال ضابط الاستخبارات عضو فريق القيادة المركزية السابق «لو كشفت إدارة أوباما عن بعض الوثائق الخاصة بالعلاقة بين بن لادن وإيران، قبل وأثناء وبعد احداث 11 سبتمبر لأفسدت تلك المعلومات حقيقة معرفة الإدارة بها، الاتفاق النووي مع طهران». هذه هي الولايات المتحدة التي أصدرت قانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب - جاستا».
لماذا أصدر القانون؟
إن الهدف من قانون «جاستا» هو إضعاف الحصانة الدبلوماسية للسعودية في المقام الأول، لأنها تقود دول التحالف العربي في عاصفة الحزم باليمن ومواجهتها للسياسة الإيرانية التي دأبت على التدخل بشؤون الدول العربية، وزعزعة الأمن بها بمباركة الولايات المتحدة.
أصبحت المعلومات التي تثبتها الوثائق التي تتستر عليها الولايات المتحدة، بتعاون إيران مع كل من تنظيم القاعدة والميليشيات المسلحة مصدر قلق للحزبين الديمقراطي والجمهوري، فكان لابد من تقديم القرابين للحفاظ على المصالح السياسية والابتزاز الاقتصادي، على حساب الدول الحليفة التي تضررت من الإرهاب أكثر من غيرها وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي.