مع دخول شهر محرم بدأ ذلك البعض في ترويج وزعم ما ملخصه أن «النظام يمعن في اضطهاد الشيعة» وأنه قد «شرع في الاعتداء على المظاهر العاشورائية في عدد من المناطق وأزال بعض الأعلام واللافتات الحسينية»، حيث وظف الفضائيات «السوسة» وكل وسيلة إعلامية متاحة وخاصة «تويتر» لنشر هذه المعلومة غير الدقيقة بغية شحن العامة وتحريضهم، غير منتبه إلى أن المعنيين بالأمن لا يزيلون سوى ما هو مخالف للقانون وخارج عما هو متفق عليه وما لا علاقة له بالمناسبة، راية كانت أو لافتة أو مضيفاً، ولا يتدخلون إلا عندما يتم حرف المناسبة عن توجهها الديني وهو للأسف ما صار يحدث في كل عام وأكده أخيراً رئيس الأمن العام اللواء طارق الحسن في تصريحه لـ»الوطن» حيث قال إن «المشكلة تكمن في استغلال البعض للمناسبة وحرفها عن مسارها وتوجهها الديني إضافة لإدخال أمور لا تتعلق بالمناسبة بتاتاً وتسيء لأصحاب الشعيرة أنفسهم قبل غيرهم».
هذه المعلومة هي التي ينبغي أن تصل إلى الجميع لأنها هي الحقيقة، حيث تدخل المعنيين بالأمن لا يتم اعتباطاً وإنما بعد التأكد من وجود مخالفة، وهذا حق الدولة التي للمفارقة لا تدخر جهداً لإنجاح موسم عاشوراء ومن صوره توزيع المكرمة المعتادة للمآتم والروضات الحسينية والتي تأتي «جرياً على العادة الحميدة لجلالة الملك المفدى في مشاركة شعبه الوفي في مناسبة عاشوراء الخالدة»، وتسخير كل أجهزة الدولة لخدمة وإنجاح موسم عاشوراء والحرص على عدم جرحه بأي شكل من الأشكال.
ما يتم الترويج له عن مضايقة الشيعة الذين يحيون ذكرى الإمام الحسين غير دقيق بل غير صحيح، حيث الدقيق والصحيح هو أن المعنيين بالأمن وبالإشراف على موسم عاشوراء يمنعون كل ما قد يؤثر سلباً عليه ويحرفه عن مساره، والحقيقة أنه لا يقول بغير هذا سوى ذلك البعض الذي خطط لاستغلال مناسبة عاشوراء لخدمة أغراض لا علاقة لها بالمناسبة بدليل الدعوات المتكررة التي يتم نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتلك الفضائيات للخروج في مظاهرات ومسيرات لا علاقة لها بعاشوراء في أيام عاشوراء.
المنطقي هو أن الرد على ذلك البعض يجب أن يأتي من قبل الحريصين على إحياء مناسبة عاشوراء حيث عليهم وضع حد له ومنعه من مواصلة هذا الذي يقوم به ويروج له لأنهم هم المتضرر الأكبر من سلوكه غير الطبيعي وأفعاله التي لا علاقة لها بعاشوراء وتسيء إلى المناسبة التي هي مناسبة دينية بحتة لا تستوعب السياسة ولا علاقة لها بها. والمنطقي أيضاً أن الرد على ذلك البعض يجب أن يأتي من المنظمات الحقوقية التي عليها أن تتحقق أولاً مما يصلها من معلومات منه وأن تبين له أن الخلط بين ما يسعى إليه والمناسبات الدينية هو في حد ذاته عمل يسيء إلى حقوق الإنسان، حيث الإنسان ليس ذلك البعض فقط ولكنه المعزون أيضاً الذين يستاؤون من أفعاله وممارساته الخاطئة والتي يريد بها استغلال المناسبة والمشاركين فيها لصالح أجندته ولتحقيق مكاسب لا قيمة لها.
الرد على ذلك البعض الذي يسعى إلى تخريب مناسبة عاشوراء بحرفها عن توجهها الديني يجب أن يأتي من الجميع، وعلى الجميع أن يتعاونوا لوضع حد لهذا الذي يتكرر في كل عام، فمن يسيء إلى مناسبة عاشوراء يسيء إلى الحسين وآل البيت الكرام، ومن يستغل هذه المناسبة بهذه الطريقة يسيء إلى الوطن وإلى ما سعى إليه المواطنون.
أمورنا طيبة ولله الحمد وكل ما يريده الملتزمون بإحياء ذكرى الإمام الحسين هو ألا يربط ذلك البعض بين ما يريده ويسعى إليه -وهو أمر دنيوي بحت- وبين ثورة الإمام الحسين التي يعرف كل العالم غاياتها وأهدافها.