أكتوبر.. هو شهر عالمي لمساندة مرضى سرطان الثدي، والشريط الوردي هو شعار للتوعية من المرض، ورمز لتقديم الدعم للمصابات به، فالتوعية من أي مرض، خاصة سرطان الثدي هو نوع من الوقاية من المرض، بل أحياناً تكون التوعية هنا من أجل القضاء على المرض، خاصة إذا كان في مراحله الأولى، وقديماً قالوا إن «الوقاية خير من العلاج»، ففي السابق كان معظم الناس لا يتحدثون عن مرض السرطان، ولا يتلفظون باسمه خشية الإصابه به، بل كانوا يتهامسون بصوت خافت عندما يذكرون اسمه، ويطلقون عليه اسم «المرض الخبيث»، ومازلت أجهل عدم إفصاح بعض المرضى وأقربائهم عن المرض وكأن هذا المرض عارٍ على المريض وعلى أسرته!
«أكتوبر الوردي» هو شهر يفترض أن تزداد فيه عملية الاهتمام والتوعية بمرض سرطان الثدي، من خلال حملات توعوية مكثفة لزيادة توعية الناس والمصابين حول المرض، وما يميز دول الغرب عن الدول العربية، حسبما شاهدته في بريطانيا أن المجتمع البريطاني يجتمع لمساندة مرضى سرطان الثدي، وكنت أشاهد ذلك من خلال تعليق شريط وردي على ملابسهم كنوع من المساندة، فجميع الإعلاميين ومقدمي البرامج والأخبار والعاملين في المحلات التجارية والمطاعم من الجنسين يحرصون على وضع شريط وردي، وهذا بالتأكيد لفتة جميلة منهم، تعبر عن دعمهم البسيط لمرضى سرطان الثدي ودعمهم أيضاً للأبحاث العلمية في هذا المجال، وهذه الثقافة جميلة جداً – ثقافة الشريط الوردي – فهي ثقافة للمساندة والوقوف مع المرضى والباحثين في هذا المجال، وقد تكون هذه المساهمة بسيطة جداً، نظراً لما تعانيه مريضات سرطان الثدي، ولكن الشعور بأننا نقول للمريض «لست وحدك»، بالتأكيد يقلل من التفكير بالمرض، ويشعر المريض بأن هناك من يهتم بهذه الفئة وما تعانيه، وكيف أنها تساعد الآخرين من خلال التوعية وتقديم العون. وبالتأكيد الكشف المبكر لهذا المرض يساعد على الشفاء منه ويقلل من نسبة الوفيات جراء ذلك المرض الخطير، بل أن ثقافة الشريط الوردي تعطي نوعاً آخر للتفاعل سواء إن كان مع المرض أو مع المريض أو مع أسرة المريض بصورة إيجابية، للتقليل من المعاناة واعتباره مرضاً كأي مرض آخر، فالأعمار بيد خالقها عز وجل، وكثير من الناس يموتون بأسباب متعددة ليس لها علاقة بمرض السرطان أحياناً، حتى وإن كانوا مصابين به، والتغلب على الحالة النفسية التي تعتري مرضى سرطان الثدي يعتبر جزءاً هاماً من العلاج، بل هناك قصص جميلة لكثيرين قهروا المرض بسبب حالاتهم النفسية العالية، حيث لم يسمحوا لهذا المرض بأن يوقفهم عن حب الحياة، بل المرض أعطاهم مساحة كبيرة للتعرف على أنفسهم وعلى قدراتهم ومهاراتهم المختلفة.
عندما تعم ثقافة الشريط الوردي، ستعم أيضاً ثقافة الشراكة المجتمعية في هذا المجال، والدولة لا يجب أن تكون وحدها هي المعنية بالتوعية والتحذير والتنبيه إلى ضرورة الكشف المبكر عن هذا المرض اللعين أو المساعدة في تحمل نفقات العلاج أو مرافق علاج المرض، بل على جميع المؤسسات الخاصة والعامة أن تساهم في ذلك، وأن تكون مساعدتها ومساندتها فعلية وجادة من خلال الدعم المالي أو من خلال تقديم التوعية أو تقوية وتعزيز الأنظمة الصحية من أجل مكافحة أي مرض.
جميل أن تكون دولنا العربية سباقة باكتشافاتها واختراعاتها وإنتاجياتها، وتنافس الدول الكبرى ولكن الأجمل بأن تنافسها في الجانب الإنساني وتحقيق المبدأ الذي أرساه وقال عنه رسولنا العظيم، «حب لأخيك ما تحب لنفسك»، عسى الله أن يذهب البأس عن كل مريض، وأن يلبسه لباس الصحة والعافية.