يبدو أن المنطقة مقبلة على مصير مجهول وربما واضح لكنه حالك، فالقضايا المحاكة في العلن كلها أصبحت واضحة ولم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه من طرف كل المتصارعين في هذه المنطقة، فالصراع وصل أشدَّه بين كافة الإطراف، إذ ليس هنالك بارقة أمل لأي انفراجات سياسية دولية تُذكر، فكل الأقطاب القوية أصبحت تتصارع على «المكشوف»، لكن السؤال الأكثر أهمية في خضم كل هذه الإرهاصات الخطيرة هو، ما هو موقف دول الخليج العربي مما يجري في منطقتهم؟
لم يعد خافياً على أحدٍ أن الإصبع الغربي بات يشير بقوة إلى دول مجلس التعاون الخليجي على أنها جزء من الأزمة وليس جزء من الحل، وأن الإتهامات الغربية للخليج أصبحت أكثر من واضحة، فهل من المنطق بمكان أن تصمت دول الخليج عن كل هذه الاتهامات أو أن تتعامل معها بخجل؟ وهل يمكن قبول التدخلات المباشرة في شؤون المنطقة دون أن تصدر إشارات قوية وفاعلة من طرف المجلس في هذا الظرف الحاسم؟
لقد تشابكت كل خطوط الصراع في هذه المنطقة المشحونة بالنفط والتوترات الإقليمية المستمرة، فالإقتصاد دخل على خط السياسة، والسياسة دخلت بشكل مباشر على الأوضاع الأمنية، فكل هذه التداخلات أثَّرت على الوضع العام لدول مجلس التعاون الخليجي، وعلاقاتها الإستراتيجية مع الغرب، ولأن الملفات أضحت متداخلة، فلابد أن يفتش الغرب عن التاريخ أو في «الدفاتير العتيقة» - كما يقول أهل الخليج - لابتزازهم وتطويع إراداتهم صوب إرادته. هذا هو الغرب الذي إذا تحدثنا عن مكره قالوا لنا صَهْ، فبيننا وبينه علاقات وطيدة وصداقات وتاريخ من المعطيات السياسية المنجزة، فسكتنا حتى رأينا بأم أعيننا غدره ومكره وأنانيته. هل أصبح التوجه لجهة الشرق كبديل استراتيجي للغرب هو الحل؟ وإذا كان كذلك، هل جاء هذا القرارأو الحل من طرف دول المجلس متأخراً في عمر الصراعات المتسارعة في منطقتنا؟ أم أننا لم نتفق بعد في تحديد الصديق من العدو؟ وهل مازلنا نؤمن أن هناك صداقات دائمة ولكن ليس هناك من عداوات دائمة؟ أم سنؤمن حتماً بما يؤمن به الغرب بأن ليس هناك من صداقات دائمة ولا عداوات كذلك وإنما هناك مصالح دائمة؟ هذه ليست أسئلة معلوماتية أو أسئلة ترفية وترفيهية، وإنما هي أسئلة استراتيجية يجب مواجهتها والإجابة عليها وفق ما تتطلبه مصالح دول المنطقة، فالغرب اليوم يضغط بشدة على عنق الخليج لابتزازه، فهل سيكون للخليج موقف آخر يمكن أن يساير حركة العالم نحونا؟ أم سيظل الخليج مصدر الرزق الأكبر للأمريكان والغرب في وقت سقطت ورقة التوت الأخيرة فوق آبار النفط الخليجية؟ أسئلة لو واجهناها بمكاشفة وواقعية مع أنفسنا لعرفنا عدونا من صديقنا دون مواربة أو محاباة لدول تترصد كل عثراتنا لأجل ابتزازنا بطريقة رخيصة.