من المعروف أن النفط يعتبر من أكبر الأسلحة المؤثرة في المعارك المصيرية بين كافة أطراف المتنازعين في عصرنا الراهن، وقد أثبت التاريخ الحديث أن التحكم بأسعار النفط هو السلاح الموازي للي الأذرع وإرغام الأنوف في التراب. كل ما يجب على الدول النفطية هو التحكم في هذا السلاح المدمر ومعرفة أصحابه اليقينية بتوقيت خفض إنتاجه أو رفعه، وبين هاتين الحالتين تكمن قوة هذا السلاح الذي نؤكد للجميع أنه ما يزال بيد دول الخليج العربي.في تقرير نشرته «هافنتيغتون بوست عربي» نقلاً عن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بأن «النفط السعودي كان سلاحاً فعالاً في عدد من الأحداث الفارقة، فقد لعب دوراً في حسم الخلاف مع إسرائيل عام 1973، وكان سبباً في إضعاف شاه إيران الأمر الذي استغله غريمه الخميني بعد ذلك، كما أن النفط السعودي كان تدشيناً لسقوط الاتحاد السوفييتي ابتداء من عام 1985 كما أنه بصورة عامة كان سبباً في بروز تيار الإسلام السياسي». واعتبرت الصحيفة أن «سلاح النفط يظل مؤثراً منذ بدأ استخدامه المرة الأخيرة منذ أواخر عام 2014 حيث حقق أهدافه في توجيه ضربات موجعة لكل من إيران وروسيا». اليوم وبعد قضايا الابتزاز الواضحة من الغرب حيال الدول الخليجية عموماً والمملكة العربية السعودية خصوصاً يكون من الضروري استخدام سلاح النفط كأهم وأبرز الأسلحة التي تجعل الغرب ينهار أمامه، فحين تحاول جهة ما أن تستفزك أو تبتزك فما عليك سوى استعمال السلاح الذي لا تقوى تلكم الجهة على مواجهته أو أنه يمثل نقطة ضعفها ونقطة قوتك، وبهذا سيضطر عدوك أو غريمك إلى أن يتعامل معك بحذر في خطوة جادة كي يرفع عنك ابتزازه وغطرسته.ليس أمام الدول الخليجية لأجل إيقاف الغرب عند حدوده سوى أن تستخدم سلاح النفط في وجهه، وكما كان إغراق السوق بالنفط أقوى وأهم الأسلحة الإستراتيجية التي استخدمتها دول الخليج في معاركها الباردة ضد خصومها، سيكون خفض الإنتاج في وقتنا الراهن وفي هذه المرحلة تحديداً هو السلاح الأكثر فاعلية وتأثيراً. إن خفض الإنتاج سيرعب الغرب لو خطت الدول الخليجية في هذا الإتجاه. هي ليست تكهنات أو مجازفة ستدخلها دول الخليج العربي بقدر ما هي إستراتيجية نفطية بحتة تستطيع دولنا أن تستخدمها كسلاح جبار، سواء عند رفع الإنتاج أو خفضه، فإذا كانت المرحلة الماضية تدفع الخليج لإغراق السوق بالنفط، سيكون من المعقول جداً أن يخفض إنتاجه لأدنى المستويات الممكنة، لتأديب كل الدول الصناعية التي تحاول ابتزاز دول تملك زمام الأمر كله، وهي - الدول الغربية - التي تعتبر النفط المحرك الأول لاقتصاداتها العملاقة وهي المكوِّن الرئيسي للقمة عيشهم.