إن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة يحمل تقديراً واحتراماً كبيرين للأزهر وإمامه وعلمائه الأجلاء، باعتبارهم رموزاً للدين الوسطي المعتدل والمستنير، وهذا ما عبر عنه جلالته في زيارته للأزهر الشريف في أبريل من هذا العام، وفي لقاء جلالته بهم مؤخراً بالمنامة خلال زيارة شيخ الأزهر للبحرين، ليرأس الاجتماع الخاص بمجلس حكماء المسلمين، الأمر الذي يعكس روح التسامح الكاملة التي يتمتع بها جلالته والذي رعى كل أنواع الحوار على أرض المنامة، بدءاً بحوار الأديان والمذاهب، وانتهاء بحوار الحضارات والثقافات، وهو ما جعل البحرين محط أنظار العالم، الراغب في السلام والتعايش الآمن البعيد عن العنف والتطرف.
إن الخطاب السياسي والفكري لجلالته يبرز دائماً الجهود الكبيرة التي يقوم بها في تعزيز الوسطية ونشر فكر الإسلام السمح، وإقامة حوار بناء نابع من قيم الإسلام، مع كافة الحضارات والتي تصب في تعزيز التسامح ونبذ العنف والتطرف، والتأكيد على أن الإسلام دين حضاري متسامح يدعو للانفتاح على الآخرين.
ولا شك في أن دعوة جلالة الملك بأن تستضيف البحرين اجتماع المجلس على أرضها تؤكد رؤية القيادة الحكيمة في العمل جاهدة على توطيد العلاقات بين البحرين وكافة البلدان العربية والإسلامية، وتبعث برسالة جلية للعالم أجمع وللقوى الطامعة التي لها أجندات ومصالح تهديدية متكررة للمنطقة، إن أكثر من مائة دولة إسلامية والتي يمثلها الأزهر تساند البحرين وتدعم استقرارها وأمنها وحكومتها الشرعية وشعبها الوفي لقيادته وترابه الوطني.
والمتتبع لمواقف وتصريحات القيادة الحكيمة يلاحظ أنها كانت دائماً مع الفكر الوسطي، ومع تعزيز التسامح ونبذ العنف والكراهية، وما اختيار البحرين لعقد الاجتماع إلا تأكيد على تلك المبادئ التي يحتاجها العالم الإسلامي الآن أكثر من أي وقت مضى، لاسيما في ظل التهديدات المتكررة وكثرة الأجندات ذات المطامع والتي تغرر بقوى وجماعات في الداخل تحت شعارات شيطانية مدمرة للأوطان.
إن هذه السياسة الحكيمة القائمة على الفكر الوسطي المستنير لجلالة الملك والراعي للسلام والأمن والأمان داخل البحرين وخارجها قد جعل مؤسسة الأزهر عبر تاريخها تعلن صراحة مواقفها التاريخية والمشرفة الداعية لاستقلال البحرين ووحدتها ودعمها ومساندتها والدفاع عن عروبتها واستقرارها، تحت قيادتها الشرعية، بل والتأكيد على المساندة بكافة أنواعها سواء خلال أزمة 2011، وما بعدها، أو في المطالبات المستمرة لإيران بعدم التدخل في شؤون البحرين، وكافة الدول العربية، ومطالبتها باحترام مملكة البحرين «كدولة عربية شقيقة». وأن يكون «ولاء أهل البحرين للوطن»، بجانب استقبال وفد من تجمع الوحدة الوطنية البحريني بهدف حماية أمن البحرين، وإبعادها عن الفتنة ومباركة ودعم حوار التوافق الوطني، الذى دعا إليه جلالة الملك في يوليو 2011، هذا بجانب دعم الأزهر للمشروع الإصلاحي في البحرين، حيث عبر الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب عن إشادته وتقديره للإصلاحات التي يقودها جلالته، فهو يرى أن البحرين كانت ومازالت من الدول السباقة والرائدة في العلم والثقافة، وأن هذه الريادة لا تأتي إلا بوجود الديمقراطية. ويكمل هذه المواقف سياسة الرئيس عبدالفتاح السيسي والتي عبرعنها بمقولته الشهيرة «مسافة السكة»، كدليل قاطع على تلك المساندة.
إن جلالة الملك تربطه بمصر علاقة خاصة وبالأزهر الشريف على وجه الخصوص، ولذا فإن مصر تسجل بحروف من نور الزيارة التاريخية لصاحب الجلالة لمصر في أبريل من هذا العام، والتي زار فيها الأزهر الشريف، وشرم الشيخ، وقيامه بتشجيع السياحة فيها، بعد أن تعرضت لحادث إرهابي آثم، مطلقاً بذلك مبادرة عالمية، أكد فيها أن شرم الشيخ هي مدينة الأمن والأمان، فكان لها وقعها الإيجابي في نفوس المصريين، الذين التفوا حول جلالته في شرم الشيخ تحية وعرفاناً.
إن روح التسامح والاعتدال التي اتسم بهما جلالة الملك منذ توليه حكم البلاد، والتي استطاع من خلالها أن ينال حب وتقدير جموع البحرينيين، كانت محل تقدير العالم أجمع والتي أعلنت عنها كافة الدول الأوروبية خلال زيارته لها منتصف هذا العام بجانب الدول الإسلامية والعربية التي رأت في جلالته رمزاً للوسطية والاعتدال والتسامح والنهج الديني المستنير المحافظ على وحدة البحرين في مواجهة القوى الخارجية، الراغبة في نشر العنف والفرقة. ولذا كانت مواقف الأزهر داعمة ومساندة للبحرين لتظل قوية وقادرة على النهوض بدورها الهام، في خدمة الإسلام والعروبة، في ظل مناخ الحرية والتسامح والسلام، الذي تعيشه تحت حكم قيادتها الرشيدة.
* أستاذ الإعلام المساعد بجامعة البحرين