الصورة الجديدة التي فشل ذلك البعض في ترويجها في الأعوام الماضية وعاد إلى استخدامها ومحاولة ترويجها من جديد قبل أيام عبر الفضائيات «السوسة» ومواقع التواصل الاجتماعي هي أن العالم مقسم إلى معسكرين، معسكر الحسين ومعسكر يزيد، وأن الذين لا يقفون معه «مع ذلك البعض»، يعني أنهم اختاروا الوقوف مع معسكر يزيد، وبالتالي فإنهم ضد الحسين وضد الحق! هكذا ببساطة يتم تصنيف الناس، فمن لا يوافق على ما يفعله ذلك البعض فهذا يعني أنه رفض الجنة، وسعى إلى النار باختياره، أما من يوافقه على ما يفعل، بل على كل ما يفعل فهذا يعني أنه رفض الانضمام إلى معسكر يزيد واختار الجنة. ليس من اللائق وصف ذلك بالسخف لكنه للأسف كذلك، ففي مثل هذه الحالة يصعب توفير مفردات أخرى لوصف ما يروج له ذلك البعض، ويحاول أن يضحك به على البسطاء، الذين للأسف يصدق كثير منهم أن الأمر هو على هذه الكيفية، وأنهم بتأييدهم لذلك البعض، وما يفعله، يعني أنهم اختاروا معسكر الحسين وضمنوا الجنة. طبعاً القصد من هكذا تصنيف هو الزعم بأن «النظام اختار معسكر يزيد»، وأنه «لهذا السبب يريد أن يخرب موسم عاشوراء»، وأنه «بقيامه بأي عمل يمس مظاهر العزاء يعني أنه يمارس الاعتداء على الحسين وآل البيت». مرة أخرى، ينبغي التأكيد على أن هذا النوع من التفكير والتصنيف يدخل في باب السخف، حيث من السخف فعلاً أن يعتبر ذلك البعض النظام الذي يوفر كل التسهيلات سنوياً لإنجاح موسم عاشوراء ضد معسكر الحسين. لا أحد في البحرين ولا في البلاد الإسلامية يقبل بما جرى على سيد الشهداء في عاشوراء، ولا يمكن لمسلم أن يحارب الحسين وآل البيت الكرام، وهذا يعني أن لا أحد يقف مع المعسكر الآخر، كما لا يمكن منطقاً الوقوف مع المظلوم والظالم في آن واحد، ويعني أيضاً أن الاتهام بالوقوف مع المعسكر المضاد للحسين اتهام باطل، خصوصاً مع حرص الدولة على توفير كل ما يسهل على المعزين الوفاء بالتزامهم السنوي. الترويج لمثل هذا الأمر والعمل على تصنيف الناس بهذه الطريقة خلط متعمد بين السياسة وعاشوراء، ومن يتابع ما تبثه الفضائيات «السوسة» يلاحظ أن المتحدثين من خلالها يحاولون أن يقنعوا الناس بأن قضية الحسين كانت قضية سياسية رغم أنه خرج لنصرة الدين، وأنه لا بد من الاستفادة من موسم عاشوراء لخدمة الأغراض السياسية، أي أن عاشوراء موسم سياسي بحت، وعليه فإن الطبيعي هو أن يتم تحويل مظاهر العزاء والحزن إلى مظاهرات ومسيرات ترفع خلالها الشعارات السياسية ولا بأس لو تحولت إلى مواجهات مع رجال الأمن. التوتر الذي حدث في الأسبوع الأول من شهر محرم ولا يزال ويتوقع أن يستمر في الأيام الثلاثة المقبلة هو نتيجة هذا التفكير وهذا الفهم الخاطئ لقضية الحسين وموسم عاشوراء، فعندما يتم الخلط بين مشكلة سياسية استمرت بضع سنين وحلها معروف وبين ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام فإن من الطبيعي أن يحدث مثل ذلك التوتر وتنشب مواجهات مع رجال الأمن المعنيين بفرض النظام وتوفير الأمن والأمان للجميع. القول بوجود معسكرين وتصنيف الناس بتلك الطريقة المضحكة يسيء إلى ذلك البعض الذي يعتبر نفسه في «ثورة» ويسيء أيضاً إلى الجمعيات السياسية التي للأسف آثرت الفرجة وكأن الأمر لا يعنيها، بدل أن تبين لذلك البعض بأن الأفضل له ولها أن يعملوا على تصحيح اتجاهاتهم وألا يخلطوا الأمور، فعاشوراء مناسبة دينية بحتة ولا علاقة لها بالسياسة، وليس من العدل أن يتم تصنيف الناس إلى موالين لهذا المعسكر أو ذاك.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90