طرح العديد من السياسيين موضوع تحول خارطة تحالفات القوى الخليجية من قوى الغرب إلى قوى الشرق والمتمثلة في روسيا والصين، وعلى ما يبدو أن ما تم طرحه لديه الكثير من الجوانب الإيجابية والسلبية حيث تتمحور على النحو التالي:
أولاً: القوى الاقتصادية للشرق بدأت تنهض بشكل ملحوظ، خاصة أن الصين تملك مقومات الاقتصاد المنافس للغرب، والمتمثل في أمريكا، فهي تحتل المرتبة الثانية من حيث حجم النمو الاقتصادي، ويعتبر الانتقال لتلك القوى الاقتصادية يتناسب مع تطلعات الخليج العربي في النهوض على المستوى الاقتصادي، لا سيما أن الاقتصاد الخليجي يحتاج لدفعة من أجل تعزيز قوته دولياً.
ثانياً: على مستوى التجهيزات العسكرية، يبدو أن الشرق يملك تقنيات جديدة أكثر تطوراً منها في الولايات المتحدة الأمريكية وتنافسها فيكفي لروسيا السبق في التجهيزات العسكرية والأدوات التي تمكنها من خوض الحروب، وربما نكتشف قريباً أن التحالف الصيني الروسي في تصنيع الأسلحة سيحدث الفارق، وبما أن الشرق اليوم بحاجة ملحة للعودة إلى الساحة الدولية كقوة منافسة للغرب، فإنه يجد مصلحته بالخليج أكبر منها مع أي دولة أخرى نظراً لكون الخليج يملك الطاقة والاستثمارات التي تجعله ينهض بقوة وسط تحالفات دولية يراد منها إحكام السيطرة على منافذ قوته.
ثالثاً: الجانب السياسي، وهو من أهم الجوانب التي يرى الخليج العربي نقطة الخلاف مع الشرق، نظراً لكون الخليج لديه مجموعة من الأجندات السياسية التي لا يقبل أن تمس، وخاصة العلاقة بالجار إيران، فيها الكثير من الخلافات على مستوى تصدير الثورات والاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، وزيادة حدة الخلاف مع المملكة العربية السعودية والتي تعتبر القلب النابض للخليج وللأمة العربية والإسلامية، ووفق ذلك فإن التوافق السياسي سيكون ملفاً مطروحاً متنازعاً عليه بين الطرفين، وأتوقع ألا يتم حسمه كالجانب الاقتصادي.
رابعاً: اللاعب الأساسي في التحول من الغرب إلى الشرق هو مدى فك ارتباط العملة بالدولار الأمريكي، فالانتقال يكلف دول الخليج مبالغ طائلة وسيؤثر جداً على قيمة العملة أمام العملات الأخرى، وهذا قد يجعل دول الخليج تجد صعوبة في عملية تحول التحالف للشرق وسط محاصرة غربية تتسيدها أمريكا حيث إن النفط الخليجي حالياً يباع بالدولار مما يجعل هذا التحول انتحارياً نوعاً ما!
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل هناك خيار آخر لإلغاء فكرة التحول من الغرب إلى الشرق؟ فالإجابة عن هذا السؤال ستحدده الأحداث القادمة التي سيتم بها التوافق مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن رأيي في هذا الموضوع قد يختلف كثيراً عما طرحه السياسيون، وأرى أن الخليج العربي يجب أن يستقل بذاته وبعملته وكيانه بعيداً عن قوى الشرق والغرب، فالتجارب التي مرت بها دول الخليج يجب أن تكون تجارب قيمة يتم الاستفادة منها ووضع دولنا بيد الغرب والشرق هو أمر لا يعني تكرار التاريخ لنفسه، ولا سيما أن الأطماع تزداد في منطقة الشرق الأوسط، والخليج بالذات، وبالتالي فإن استقلال دول الخليج هو الحل الأمثل اليوم والأفضل من أي ارتباط أو تحالف اقتصادي مع قوى الشرق أو الغرب لتمثل هي قوة ثالثة بالعالم.
* زاوية محلية:
الخطاب الديني هو محور مهم لدى وزارة العدل والشؤون الإسلامية، رغم الجهود التي تبذلها الوزارة في ضبط الخطاب الديني، إلا أنني أجد أن هذه الجهود لا ترتقي لمحاربة الخطاب المتطرف. الأمر يحتاج لتكاتف الجميع ومد يد العون للمعنين بالوزارة، وأتمنى أن تلزم الوزارة جميع الخطباء بأن يتم إرسال خطبهم قبل السماح لهم بإلقائها بالمساجد والمآتم، وأن تشكل لجنة خاصة بهذا الغرض وأن تفتح قنوات التواصل كخدمة إلكترونية أو خط ساخن مع الجمهور لتقديم شكاواهم عن الخطباء الذين يخالفون الأنظمة والقوانين التي وضعتها الدولة للحفاظ على وحدتنا الوطنية ومكتسباتنا، وأعلم أن هناك الكثير من المعارضين لما طرحته ولكن الأمن قبل كل شيء.
* رؤية:
التجارب تغير الكثير من البشر، ولكن حينما يتبعون الأمواج فإنهم يبقون قطيعاً.