ليس بالضرورة أن يكون شعار المؤزمين الجدد إحراق السيارات واستخدام المولوتوف واستهداف رجال الأمن بشكل مباشر وإتلاف المؤسسات العامة والخاصة، كما شاهدنا من أحداث مؤسفة قبل أيام. بل ربما تتمثل مهمتهم في تسطيح أعمال العنف والتستر والإلتفاف عليها وعن الخطب الدينية التي تذكي الطائفية وتؤسس للاحتراب الداخلي على أساس خلفيات تاريخية عفا عليها الزمن. لماذا نقول ذلك؟ لقد نجحت مملكة البحرين في التعامل مع كل ما هو قبيح، وتحديداً تبعات أحداث فبراير 2011 المؤسفة. كما تجاوز المواطن الإساءة له وللوطن التي نالها باسم «الحراك السياسي والحقوقي»المنحرف. وخرس خوار من اتخذوا من الضاحية الجنوبية في لبنان مقر لخوارهم، والقابعون بعدد من الدول الأوربية، وانكشفت حقيقة الشخصيات المنحرفة التي لم تترك منبراً إلا وأساءت فيه للبحرين باسم «الحراك الحقوقي»، بقضايا أخلاقية وإرهابية. وبقي الطابور الخامس من المؤزمين الجدد.التستر خلف عاشوراء من المفترض أن تكون مناسبة عاشوراء مناسبة تسمو بالمجتمعات بجميع أطيافها، بحيث تبني لا تهدم، وتقوي لا تُضعف، وتحافظ على القيم السامية لا تقوضها، تحث على اللحمة الوطنية لا أن تفرقها. هذه هي الشعارات السامية التي تتصدر تصريحات الحسينيات داخل البحرين وخارجها. لكن في المقابل مازالت هناك حسينيات تتغافل عن التجاوزات التي بدورها تؤدي إلى إذكاء الطائفية، وبث الفتنة بين المجتمع، بل وذهبت إلى توظيف الأعمال الفنية كالرسم لتكريس مفهوم العداء لرجال الأمن الذين يقومون على حراسة وتأمين خط سير هذه المواكب! مما يولد الشعور بالكراهية ويحث على العنف ويؤسس لمرحلة لاحقة تنذر بالعديد من المخاطر على نسيج الوحدة الوطنية في مملكة البحرين.الكذب ليس فقط بالكلماتالكذب يكون بالكلمات وأيضاً بالصمت، فالسكوت على التجاوزات وتصغيرها أو القفز عليها وكأنها لم تكن، ستؤسس لما هو أصعب في المستقبل، كما أن إصدار البيانات التي تشيد بالنجاحات والالتزام التي تزامنت مع مواكب العزاء رغم المخالفات الصريحة والواضحة، لا تتماشى مع قياس العقل والمنطق، ولا تخدم ما تسعى إليه الجهات الرسمية من عمل وجهد جبار لإنجاح تلك الشعائر، خاصة منها جهود الأوقاف الجعفرية التي تسعى جاهدة لعدم تسييس وتحريف عاشوراء، وباقي المؤسسات الرسمية وفي مقدمتها وزارة الداخلية التي قدمت الغالي والنفيس لحفظ الأمن والاستقرار الأهليين.إن التجاوزات التي قامت بها بعض مواكب العزاء وأحداث الشغب التي صاحبت عاشوراء، تضمنت شعارات وخطب لا تمت إلى الانتماء الذي ينبغي أن يتمثل في الإسلام بكل ما يحتضنه من جوامع القيم والمثل والمبادئ السامية، بل كانت أقرب إلى كونها أنها تزيد من حالة الطائفية وتعزز الفرقة بين المذهبين الكريمين في البحرين، بغض النظر عن من يسمون بـ «المراقبين».* نظرة مراقبإن ما حققته البحرين من نجاح على المستوى الاجتماعي والأمني والاقتصادي لم يأتٍ وليد الصدفة، بل نتيجة جهود جبارة لتتجاوز منعطفاً كاد أن يحول البحرين إلى مشروع عراقي أو لبناني أو سوري آخر على يد من باعوا وطنهم نظير أوهامهم، التي تمثلت في مشروع «الولي الفقيه» الإيراني .إن مثل هذه الأعمال والمخالفات تؤسس للإرهاب المنظم ويعيد البحرين للمربع الأول لا قدر الله. إن تلك التجاوزات ليست افتراء بل هي واقع يجب أن يعيه القائمون على تلك المواكب الحسينية. ليعلم البعض أن لا كسراً بعد كسر، والتخندق خلف المشاريع المجتمعية الجامعة في الوقت الذي يتم فيه التستر لما يقوض الوحدة الوطنية سيضعكم في خانة الطابور الخامس، وهم المؤزمون الجدد تماماً كمن يمدح في العلن ويطعن بالخلف.