لن يجد ذلك البعض ومن يقف وراءه ويمده بكل ما يحتاج إليه ويسوسه أفضل من مناسبة عاشوراء هذا العام لشحن العامة ضد الحكومة، ولتوفير ما يحتاجه رافعو شعارات حقوق الإنسان من منظمات وأفراد للإساءة إلى البحرين في المحافل الدولية، ولمد أولئك الذين اختاروا العيش في الخارج بفرص أكبر للصراخ ونقش التغريدات السالبة في مواقع التواصل الاجتماعي، و»لشحذ همم» الفضائيات «السوسة» بقيادة فضائية «العالم» الإيرانية التي لا تفوت أي شيء لتمارس حقدها على البحرين، فعاشوراء هذه المرة لم يأت فقط بعد اتخاذ الحكومة قرارات زعموا أنها «قاسية» ولكنه تضمن سلسلة من الحوادث التي تسبب فيها ذلك البعض بعناده حتى اعتبر إزالة مخالفة ارتكبها في شارع عام «اعتداءً على المناسبة وإعلاناً بالتجرؤ على الحسين وآل البيت الكرام وعلى عاشوراء وانحيازاً لمعسكر يزيد»، وسبباً لتحويل المناسبة إلى فرصة للتظاهر والدخول في مواجهات مع رجال الأمن ولإلزام معتلي المنابر الحسينية بخلط المناسبة بالسياسة وإلا خسروا جمهورهم.
عاشوراء هذا العام جاء بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لضبط الشارع ومحاولة وضع حد لهذا الذي لا يزال مستمراً منذ خمس سنوات ونيف، وبعد صدور سلسلة أحكام قضائية ضد من ثبت أنهم تورطوا في الإساءة إلى الوطن بطريقة أو بأخرى، ويأتي بعد ما حصل ولا يزال في قرية الدراز، وبعد حملة شحن وتحريض استمرت عدة شهور وظفت من أجلها كل القدرات الإعلامية الإيرانية وغيرها من المحسوبة عليها والممولة منها. كما بدأ عاشوراء هذا العام بكثير من التوتر الذي نشأ بسبب إصرار البعض على فرض نفسه على القرى والشوارع والطرقات واعتبار المناسبة تخصه دون غيره وأعطى نفسه كل الحق في التحكم في المكان والزمان.
لن يجد أولئك وأولئك أفضل من عاشوراء هذا العام ليخلطوا مناسبة دينية بحتة بعمل سياسي لا علاقة له بعاشوراء وليستغلوه ويستغلوا اسم سيد الشهداء عليه السلام بطريقة تخدم أجندتهم وتوفر الأسباب التي تحتاجها دولة مثل إيران لتهاجم من خلالها البحرين وتسيء إليها.
لا أحد يتمنى أن تتطور الأمور في اليومين المتبقيين من عاشوراء وتنحو نحو العنف بسبب ما حدث في الأيام الثمانية الماضية بغض النظر عن أسبابه ونتائجه، ولكن ينبغي من أولئك وأولئك أيضا أن ينتبهوا إلى أن ما قاموا ويقومون به خطأ كبير يعود عليهم وعلى الناس وخصوصاً المحتفلين بذكرى سيد الشهداء بالمضرة، وأنه لهذا لابد من العمل بقوة على «تبريد الساحة» والتوقف عن كل أفعال المراهقة التي لا تليق بمثل هذه المناسبة، فإزالة مخالفة ومنع تجاوز القانون إضافة إلى أنه حق للحكومة لا يمكن أن يعتبر سببا لتوسيع الشرخ الذي صار مجتمع البحرين يعاني منه، كما إن إنزال راية أو لافتة أو إزالة شعار لا علاقة له بعاشوراء ليس نهاية الدنيا ولا يستدعي الدخول في ما قد يتسبب في جرح المناسبة وخلق مزيد من التوتر وجعل الناس يعيشون حالة قلق من احتمال تطور الأمور بشكل سالب.
يكفي ما حصل عليه ذلك البعض ومن يسوسه من «مكاسب» في عاشوراء هذا العام وليطمئنوا الناس بأنهم سيستغلون اليومين المتبقيين منه للتذكير بما جرى على آل البيت الكرام في كربلاء في يوم العاشر من محرم، ولتأكيد أهمية «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» والاستفادة من هاتين الفريضتين اللتين خرج الإمام الحسين من أجلهما، في إعلاء راية الإسلام.
التوقف خلال هذين اليومين عن مواصلة الخلط بين مناسبة عاشوراء والسياسة سواء بالعمل أو بالكلام خطوة ستجد التقدير من قبل الحريصين على إحياء هذه المناسبة العظيمة والذين ينتظرونها بفارغ الصبر كي يعبروا عن حبهم لآل البيت ويحيوها بالشكل الذي تستحقه.