فوجئت دول العالم وبينها دول الخليج بقانون «العدالة ضد رعاة الإرهاب - جاستا» الذي مرره مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأمريكيان متجاوزين «فيتو» الرئيس الأمريكي باراك أوباما. والقانون يسمح لأهالي ضحايا 11 سبتمبر بمقاضاة المملكة العربية السعودية في المحاكم الأمريكية، وبذلك يضرب القانون عرض الحائط بالأعراف والقوانين الدولية القاضية بحماية الدول الأجنبية ودبلوماسييها. والحملة المعادية للمملكة بدأت منذ عام عندما طرح السيناتور تشاك شومر من نيويورك وهو المعروف بعداوته للعرب والسيناتور جون كورين من تكساس مشروع القانون. وبالرغم من أن المملكة هددت بأنها ستسحب أصولها من الولايات المتحدة إلا أن ذلك لم يوقف زخم القانون. كما طلبت المملكة من الولايات المتحدة نشر التقرير السري المؤلف من 28 صفحة الذي يعالج مسألة أي علاقة للمملكة بمنفذي هجمات 11 سبتمبر. وبالرغم من أن العرف القانوني في أمريكا هو أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، إلا أن التقرير الذي لم يتضمن أية إشارة إلى ضلوع المملكة أو حتى معرفة الحكومة بالعمليات الإرهابية لم يكف للحد من الحملة على المملكة. ولم تهدأ العاصفة إلا بإقرار القانون في الكونغرس، بمجلسيه، الشيوخ والنواب. والقانون بالإضافة لكونه مجحفاً بحق الرياض، فإن له أيضاً تداعيات سلبية على أمريكا.ومن الطبيعي بعد تمرير مثل هذا القانون أن يقوم السعوديون بسحب ودائعهم من البنوك الأمريكية، وببيع أصولهم في الأسواق الأمريكية، حيث يبلغ مجمل الأموال السعودية في أمريكا نحو 750 مليار دولار، وذلك إن حصل، سيشكل كارثة على الاقتصاد الأمريكي. وقد كشفت نشرة الكونغرس «ذا هيل» أن الجمهوريين يمكن أن يعيدوا النظر بقانون «جاستا». والواقع أنه بعد أن أرضى المشرعون الجمهور العام ومرروا القانون، فهم اليوم مطالبون بأن يفكروا بعقلانية في كيفية حصر تداعياته وقد علق السيناتور أورين هاتش قائلاً «لم يكن لدينا الوقت للتفكير بالقانون»، ثم أضاف «إنها مسألة سياسة تهافت عليها الناس دون التمعن بتداعياتها».وفي هذا الصدد، حدث تراشق للتهم بين البيت الأبيض والكونغرس، فالجمهوريون يلقون اللوم على أوباما لأنه لم يقم بالاتصالات اللازمة قبل أن يمرر القانون وقبل أن يطرح «الفيتو» عليه. وقد قال النائب بيتر كينغ إن «البيت الأبيض ظن أن المشروع سيمر في مجلس الشيوخ، ولكنه لن يمر في مجلس النواب لذلك لم يقم بأي مجهود حقيقي لوقف القانون». ومن المعروف أن مشاريع القوانين يجب التصويت عليها في مجلس النواب والشيوخ ثم يوافق عليها الرئيس حتى تصبح قوانين، ويمكن أن ينقضها الرئيس، ولكن يمكن تجاوز النقض «الفيتو» إن حصل المشروع على أكثرية الثلثين وذلك ما حصل في حالة قانون «جاستا». لكن اليوم وبعد أن أصبح مشروع «جاستا» قانوناً وصارت الإدارة كما الكونغرس مدركة لتداعياته السلبية على أمريكا، كل ما يمكن أن يفعله الكونغرس هو حصر نطاق تطبيقه وذلك للحد من آثاره السلبية.