في حديث هامشي جمعني مع أحد التجار البحرينيين الصغار الذين يعضون بأسنانهم على كل فرص الأمل للبقاء في سوق المنامة رغم كل الصعوبات والتحديات التي يواجهونها في منطقة تجارية بات يستولى عليها مجموعة من التجار الأجانب من الآسيويين وغيرهم، إذ يؤكد هذا التاجر الصغير أن استمرارية نجاحهم وبقائهم في سوق المنامة في ظل هذه الظروف الاقتصادية العصيبة يحتاج إلى معجزة.
التاجر البحريني يصارع كل الظروف القوية حتى لا تجرفه عواصف الطرد، وحتى لا يرى نفسه خارج سوق المنامة في نهاية المطاف. فهو يدفع إيجار متجره إضافة لمجموعة من الالتزامات الرسمية كفواتير الكهرباء وتجديد السجل ورواتب العمال وما إلى ذلك من التزامات مالية، شهرية أو سنوية يدفعها للجهات المعنية، وفوق كل ذلك فهو يدفع من جيبه الخاص بعض من تلكم الالتزامات لأنه متيقن كل اليقين أن أرباحه البسيطة لا تغطي حتى بعضها.
يقول التاجر البحريني القابع في سوق المنامة «إن البحرينيين والعرب يفضلون التعامل مع التجار الآسيويين ولا يفضلون التعامل مع التاجر البحريني لأنهم يعتقدون أن أسعار أولئك أفضل من أسعارنا وإن كانت بعض الفروقات في عموم الأسعار لا تتجاوز الـ100 فلس، لكنهم يقررون التعامل أو الشراء من التاجر الأجنبي على الرغم أنهم متيقنون أن خلف أولئك الأجانب تقف جهات مشبوهة قد تصل لمستوى المافيات التي تعيش في الأسواق الخليجية. فإذا كان المواطن البحريني يتجاوز أو يتجاهل التاجر البحريني عند التسوق داخل سوق المنامة فهل سيأتي السائح أو المقيم الأجنبي للشراء من متاجرنا الصغيرة؟».
يجب على الدولة أن تدعم تجار سوق المنامة من البحرينيين الذين ضحوا بكل شيء في سبيل البقاء فيها، وأن تقدم لهم كل التسهيلات وفاءً وعرفاناً لهم ولجهودهم وتضحياتهم الكبيرة لإبقاء سوق المنامة العريق صامداً في وجوه التغيرات الاقتصادية العارمة، كما يجب على المواطنين دعم التاجر البحريني بكل إمكانياتهم لتثبيت أرجلهم في سوق زلق يسيطر على كل مفاصله تجار أجانب دخلوا البحرين بتأشيرة «عامل» أو «موظف» لنجدهم في نهاية المطاف بأنهم يملكون مجموعة من المتاجر الممتدة من شارع «الشيخ عبد الله» وانتهاءً بشارع «باب البحرين»!
أصبحت الإجراءات والرسومات الرسمية التي تشكل نوعاً من أنواع الضرائب المقنعة على ظهر التاجر البحريني الصغير سيفاً مسلطاً على رقبته كلما حاول الاستمرار والبقاء في سوق يشعر فيها بالغربة التامة، كما أصبح المواطن البحريني مع الأسف الشديد أداة حادة تطعن كل تلكم الجهود التي يقوم بها التاجر البحريني الذي آثر البقاء في سوق آبائه وأجداده من أجل البحرين فكان جزاؤه الإهمال والتهميش والإقصاء من الجانبين، الرسمي والشعبي. فلك الله أيها التاجر الغريب في وطنه.