يحسب لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله أنه رجل تجتمع عنده البحرين بأسرها، باختلاف مذاهبها وطوائفها ودياناتها، فهو رجل «سلم» ورجل «أخلاقيات» و»مبادئ إنسانية». المعيار الأساسي لدى جلالة الملك في الحكم على الناس يتمثل بمعيار «الوطنية» أولاً وأخيراً، وضمن هذا الإطار الوطني يتلاقى الناس بتنوعهم وتباينهم وباختلاف أفكارهم ومعتقداتهم. ليست البحرين الدولة التي يحكم فيها جلالة الملك شعباً من طيف واحد، أو مذهب واحد، أو دين واحد، البحرين وجدت لتكون اسماً على مسمى، مثلما ذكر المولى عز وجل في قرآنه المحفوظ بأن «مرج البحرين يلتقيان»، فإن بلادنا مثل القول القرآني بالضبط، تنوع أهلها وساكنيها، اختلافهم في المذاهب والأديان لكنهم - وهذا الأهم - يتلاقون في الأساس وهي «البحرين». بالتالي حينما يشكر جلالة الملك رجال الداخلية وأبطالنا المرابطين على حفظ الأمن، بشأن جهدهم المبذول لإنجاح أيام عاشوراء وتسهيل الأمور على المواطنين في حفظهم أمنهم، فإنه يرسل رسالة واضحة تؤكد على أن البحرينيين جميعاً هم أبناء حمد بن عيسى، ولا فرق بينهم، وأن الدولة وأجهزتها في خدمتهم دائماً. ولأن قائدنا بهذه الرفعة والسمو في الأخلاقيات الأبوية وفي الإدارة الحكيمة، فإن المواطنين الصالحين المخلصين للبحرين لابد وأن يتفاعلوا معه إيجاباً، وهو الأمر الذي بينه بجلاء القائمون على المآتم حينما حرصوا على أن تمر كافة العمليات في إطار حسن التنظيم والمحافظة على السلم الأهلي، وهو الأمر الذي قدره جلالة الملك وشكرهم عليه. طبعاً مثل هذه المناسبات لابد وأن تجد فيها من يحاول «التصيد في المياه العكرة»، ومن يحاول استغلالها ليحرفها عن مسارها المحدد في إطارها الديني، بحيث يقحم السياسة فيها، ويستهدف من خلالها النظام والدولة، وهؤلاء لا تعامل معهم إلا بالقانون، إذ في النهاية ما ذنب الذين يحضرون هذه المناسبات وهم خالصو النية في إحيائها بالطريقة الصحيحة، ما ذنبهم إن حاولت فئات محدودة تعكير صفوهم وحرف الفعالية إلى اتجاه معادٍ للدولة. الشواهد كثيرة تلك التي تبين السقف العالي الذي تملكه مملكة البحرين في جانب الحريات المذهبية والدينية، وكيف أن هناك حضاً وتوجيهاً من جلالة الملك نفسه لكافة المعنيين بأن يحافظوا على «التنوع» لكن في إطار الوحدة الوطنية. وحينما نتحدث عن وحدة الوطن، فإننا نتحدث عن كافة مكوناته بلا استثناء، فالأوطان ليست مقصورة على أطياف وأعراق أو مذاهب أو أديان معينة، بل الأوطان تشمل الجميع بلا استثناء، حتى من يتحصل على شرف جنسية أي بلد عليه أن يكون عنصراً إيجابياً فاعلاً مقدراً للبلد تكريمه بهذه الجنسية، وما ينتظر منه أن يكون عبر التزامه بالحقوق والواجبات. باختصار البحرين ملك لجميع أبنائها دون استثناء، ملكهم رجل يتعامل مع الجميع بأبوية مطلقة، حسن الخلق، طويل البال، وما يحرص عليه في البداية والنهاية هي وحدة أبناء الوطن الواحد، ففي وحدتهم يقوى الوطن، والعكس إن تفرقوا فالمتضرر هو الوطن. ملكنا شدد على أن القدرة على التعايش والتسامح وقبول واحترام الآخر هي أمور ليست وليدة اللحظة، بل هي أمور تدرجت مع البناء الحضاري للبحرين عبر مئات السنين، وأن واجبنا اليوم كمواطنين مخلصين لبلادنا أن نحافظ على هذه القيم الإنسانية السامية، كونها نابعة من طبيعة الإنسان البحريني الذي عرف بمدافعته المستمرة عن السلم والتآخي والوئام. الجملة أعلاه اختصر لنا فيها حمد بن عيسى «خارطة طريق» شخصية لكل فرد من أفراد هذا المجتمع، إن أراد أن يكون عنصراً فاعلاً فيها، وأداة من أدوات البناء والحفاظ على وحدة الوطن. الوطنية والحرص على وحدة الوطن مبادئ لا يحس بقيمتها وروعتها إلا من كانت تمثل له هدفاً يضعه يومياً نصب عينيه، إذ لا شيء أغلى من البحرين. شكراً لحمد بن عيسى «حامي» وحدة البحرين.